شاهدته الطلبة ينعس، فإذا أخطأ القارئ ردَّ عليه، كأنَّ شخصًا أيقظه، وقال له: قال هذا القارئ كيت وكيت، هل هو صحيح؟ وهذا من عجائب الأمور.
وقال الذهبي في "التذكرة": إن المزي كان يقرر طريقة السَّلف في السُّنَّة، فيعضد ذلك بقواعد كلامية ومباحث نظرية، قال: وجرى بيننَا مجادلات ومعارضات في ذلك، تَرْكهَا أَسْلَم. انتهى.
وكان للمزي ديانةٌ متينةٌ، وعبادةٌ، وسكونٌ، وخيرٌ.
مولده في ليلة العاشر من شهر ربيع الآخر، سَنَة أربع وخمسين وست مائة بظاهر حلب، سمع منه ابن تيمية، والبرزالي، والذهبي، وابن سيد الناس، والشيخ الإمام الوالد، وخلق لا يُحصون. وصنَّف "تهذيب الكمال" المجمع على أنه لم يُصنف مثله، وكتاب "الأطراف"، توفِّي في يوم السبت، ثاني عشر صفر، سنة اثنتيْن وأربعين وسبع مائة بدار الحديث الأشرفية، ودُفن بمقابر الصوفية اهـ.
وحيث إن كتاب "الكمال في أسماء الرجال" للمقدسي، عَبْد الغَنِيّ بن عَبْد الوَاحِد بن عَلِيّ المَقْدِسِيّ، الإِمَامُ العَالِمُ، والحَافِظُ الكَبِيْرُ، يحتاج إلى تهذيب وإكمال وتحرير، فقد قام الحافظ الشهير أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزيّ بتهذيبه وإكماله في كتاب سَمَّاه "تهذيب الكمال"، وقد أجاد في هذا الكتاب وأحسن، كما وصفه الحافظ ابن حجر، لكنه أطال فيه أيضًا. ويقول ابن السبكي في وصفه: أُجْمِعَ على أنه لم يُصَنَّف مثله ولا يُستطاع.
وذَيَّل على كتاب المزي وأكمله الحافظ علاء الدين مُغْلطاي، وسَمَّى تذييله هذا "إكمال تهذيب الكمال"، وهو كتاب كبير جليل نافع، وقد ذكر الحافظ ابن حجر أنه انتفع بكتاب مغلطاي هذا.
وقد سار المزيّ في كتابه "تهذيب الكمال" على النحو التالي:
أولا: ترجم لرجال الكتب الستة، ولرجال المصنفات التي صَنَّفَهَا أصحاب الكتب الستة، إلا أنه ترك مصنفاتهم المتعلقة بالتواريخ؛ لأن الأحاديث التي تَرِدُ فيها غير مقصودة بالاحتجاج.
ثانيًا: رَمَزَ في كل ترجمة رموزًا، تدلُّ على المُصنَّفات التي روت أحاديث من طريق صاحب الترجمة.
فالمزي رحمه اللَّه تعالى، حين يُورد الترجمة يقول، مثلا: ترجمة الإمام أحمد،