المُختَلَف في سَنَة وفاته هو يذكر الخلاف، فيقول مثلا: البخاري قال في "التاريخ الكبير": إنه مات سنة كذا، وذكر الواقديُّ: أنه مات سنة كذا، وذكر ابن سعد وذكر غيره. فيذكر كلام أهل العلم بالأسانيد في الوفيات، وهذا ممَّا يحتاج إلى تحرير أيضًا في "تهذيب الكمال".
سادسًا: ذكر عددًا من التراجم ولم يُعَرِّف بأحوالهم، ولم يزد على قوله: روى عن فلان، أو روى عنه فلان، أخرج له فلان. والظاهر أنه لم يعرف شيئًا من أحوالهم، وليس ذلك بغريب، فالإحاطة بأحوال آلاف من الرواة ليس بالأمر الهيّنِ، ومع ذلك فعدد من لم يُعَرِّف بأحوالهم قليل جدًّا، بالنسبة للأعداد الكثيرة جدًّا في هذا الكتاب.
معنى ذلك: أن الكلام عليه قليلٌ، وأن الراوي هذا مجهول، أو قريب من الجهالة. وأنت إذا وَسَّعْتَ دائرة البحث، لن تجد كلامًا يشفي غليلك؛ لأن المزي إنما صَنَّفَ وهو في أواسط القرن الثامن الهجري، والأمور استوت تمامًا، والمصنفات كثيرة جدًّا، والوقوف على كلام الأئمة كان سهلا ميسورًا، بخلاف أزمنتنا، فالحاصل هو أن الرواة الذين الكلام عليهم قليل في "تهذيب الكمال"، سيكون عليهم قليلا أيضًا في كتب غيره من أئمة الجرح والتعديل، فلن تجد مثلا أن هناك راويًا والمزي أغفل الكلام عليه.
وأنت ذهبت وأتيت بصفحة مليئة بالكلام عليه جرحًا وتعديلا، فهذا لن تراه، إن أتيت بسطريْن من كلام غيره، كالدارقطني، أو غيره من الزوايا المخفية، ولن تجد هذا إلا بصعوبة في البحث.
سابعًا: أطال الكتاب بإيراده كثيرًا من الأحاديث التي يُخَرِّجُهَا من مروياته العالية، من الموافقات والأبدال، وغير ذلك من أنواع العلوم.
إن المزي إمام بارع واسع الرواية جدًّا، قَلَّ أن يأتي راوٍ من المشاهير أو من الوسط، ويمرر ترجمته من غير أن يستعرض، رحمه اللَّه تعالى، فيقول: وقد وقع لي من حديثه بدلا عاليًا، وقد وافقته في كذا، ويذكر الإسناد طويلا مثلا، يعني: المزي عندما يروي بإسناده وهو في منتصف القرن الثامن، قُلْ مثلا: يعني: الحد الأدنى من الرواة المذكورين إلى النبي صلى اللَّه عليه وسلم اثنا عشر راويًا، وهذا من محفوظاته. وَتُقَدَّرُ هذه الأحاديث من حيث الحجم بنحو ثلث حجم الكتاب.
ثامنًا: رَتَّبَ أسماء التراجم على أَحرف المعجم، بما فيها أسماء الصحابة مخلوطةً مع أسماء غيرهم، خلافًا لصاحب "الكمال" الذي ترجم لأسماء الصحابة وحدهم غير