للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن عليّ بن أبي طالب عن رسول الله قال: "إنَّ الله يقول: الصَّومُ لي وأنا أجْزِي به، وللصَّائم فَرْحَتان؛ حينَ يُفطر، وحين يلقى ربَّه، والذي نفسي بيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عندَ الله من ريح المسك" (١).


(١) صحيح لغيره، وهذا إسناد أخطأ فيه العلاء: وهو ابن هلال، فرواه شعبة - كما في الرواية التالية - عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود موقوفًا عليه. وقال المصنف فيما نقل عنه المِزِّي في "التحفة" (١٠١٦٦): هذا هو الصواب عندنا، وحديث العلاء خطأ، وقد رأيت للعلاء أحاديث مناكير. عبيد الله: هو ابن عمرو الرقي، وزيد: هو ابن أبي أنيسة، وأبو إسحاق: هو عمرو بن عبد الله السبيعي. وهو في "السنن الكبرى" برقم (٢٥٣٢).
ويشهد له حديث أبي سعيد الآتي برقم (٢٢١٣).
قال السندي: قوله: "الصوم لي وأنا أجزي به" قد ذكروا له معاني، لكنَّ الموافق للأحاديث أنَّه كنايةٌ عن تعظيم جزائه، وأنَّه لا حدَّ له، وهذا هو الذي تُفيده المقابلة في حديث: "ما من حسنةٍ عمِلَها ابن آدم إِلَّا كُتِبَ له عشر حسنات إلى سبع مئة ضِعف، إلَّا الصيام، فإنَّه لي وأنا أجزي به [وسيرد برقم (٢٢١٥)]، وهذا هو الموافق لقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ [الزمر: ١٠]، وذلك لأنَّ اختصاصه من بين سائر الأعمال بأنَّه مخصوص بعظيم لا نهاية لعظمته، ولا حد لها، وأنَّ ذلك العظيم هو المتولِّي لجزائه ممَّا ينساق الذهنُ منه إلى أنَّ جزاءه ممَّا لا حَدَّ له، ويُمكن أن يُقال: على هذا معنى قوله: "لي" أي: أنا منفردٌ بعلم مقدار ثوابه وتضعيفه، وبه تظهر المقابلة بينه وبين قوله: "كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام" هو لي، أي: كلُّ عمله باعتبار أنَّه عالِمٌ بجزائه ومقدار تضعيفه إجمالًا لما بيَّن الله تعالى فيه، إلَّا الصوم فإنَّه الصبر الذي ما حدَّ لجزائه حدًّا، بل قال: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾. ويَحْتَمِل أن يقال: معنى قوله: "كلُّ عمل ابن آدم له … " إلخ، أنَّ جميع أعمال ابن آدم من باب العبودية والخدمة، فتكون لائقة له مناسبةً لحاله، بخلاف الصوم، فإنَّه من باب التنزه عن الأكل والشرب والاستغناء عن ذلك، فيكون من باب التخلق بأخلاق الرب ، وأمَّا حديث: "ما من حسنةٍ عملها ابن آدم" إلخ، فيُحتاج على هذا المعنى إلى تقدير، بأن يُقال: كلُّ عمل ابن آدم جزاؤه محدود لأنَّه له، أي: على قَدْره، إلَّا الصوم فإنَّه لي، فجزاؤه غير محصور، بل أنا المتولي لجزائه على قدري، والله أعلم.=