وسيأتي بعده من طريق سفيان بن عُيينة، عن عبد الله بن أبي لَبِيد، به. قال ابن الأثير في "النهاية" (عتم): قال الأزهري: أرباب النَّعَم في البادية يُريحون الإبل، ثم يُنيخونها في مَرَاحها حتى يُعْتِمُوا؛ أي: يَدْخُلوا في عَتَمةِ الليل، وهي ظُلمتُه، وكانت الأعراب يسمُّون صلاة العشاء صلاة العَتَمة، تسمية بالوقت، فنهاهم عن الاقتداء بهم، واستحبَّ لهم التمسك بالاسم الناطق به لسان الشريعة، وقيل: أراد: لا يَغُرَّنَّكم فعلُهم هذا فتؤخِّروا صلاتكم، ولكن صلُّوها إذا حان وقتُها. وقال أبو العباس القرطبي في "المفهم" ٢/ ٢٦٧ - ٢٦٨: وهذا النهيُ عن اتِّباع الأعراب في تسميتهم العِشاء عَتَمةً إنما كان لئلا يُعدل بها عمَّا سمَّاها الله تعالى به في كتابه إذ قال: ﴿وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ﴾ [النور: ٥٨]، فكأنه إرشادٌ إلى ما هو الأَولى، وليس على جهة التحريم، ولا على أنَّ تسميتَها العَتَمة لا يجوز، ألا ترى أنه قد ثبتَ أن النبي ﷺ قد أطلق عليها ذلك إذ قال: "ولو يعلمون ما في العَتَمةِ والصُّبح"؟ وقيل: إنما نهى عن ذلك تنزيهًا لهذه العبادة الشريفة عن أن يُطلق عليها ما هو اسمٌ لِفَعْلَةٍ دنيوية، وهي الحَلْبة التي كانوا يحلُبونها في ذلك الوقت ويُسمُّونها العَتَمة. اهـ. وأعْتَمَ من العَتَمة، كأصبحَ من الصُّبْح. (١) إسناده صحيح، وهو في "السنن الكبرى" برقم (١٥٣٥). وأخرجه أحمد (٤٥٧٢)، ومسلم (٦٤٤): (٢٢٨)، وأبو داود (٤٩٨٤)، وابن ماجه (٧٠٤) من طريق سفيان بن عُيينة، بهذا الإسناد. وسلف قبله من طريق سفيان الثَّوريّ، عن عبد الله بن أبي لَبِيد، به. (٢) قوله: البلخي، من (ر) و (م).