توافرَ لنا عدد من النُّسخ الخطيَّة، واخترنا منها أربعَ نُسخ كاملة جيدة كافية لتحقيق الكتاب، وهي نسخة دار الكتب المصريَّة (ك)، ونسخة المكتبة المحموديَّة (م)، ونسخة أخرى من دار الكتب المصرية (تعود إلى مكتبة أحمد تيمور باشا)(ر)، ونسخة هنديَّة (هـ)، إضافة إلى نسخة مكتبة القدس (ق) التي اقتصرنا على مقابلة قسم منها، وكذلك الأمر بالنسبة لنسخة مكتبة بلديَّة الإسكندريَّة (يه) التي صدرت مؤخَّرًا، وسلف الكلام عليها؛ اقتصرنا فيها على مقابلة الجزء الأول من الكتاب؛ لأنها مشابهة لنسخة دار الكتب المصرية، لكنَّنا رجعنا إلى هاتين النُّسختين (ق) و (يه) عند وقوع إشكال.
أولًا: نسخة دار الكتب المصريَّة، ورمزنا لها بالحرف (ك):
وهي نسخة نفيسة كاملة تبتدئ بأوَّل الكتاب، باب تأويل قوله ﷿: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ … ﴾ وتنتهي بكتاب الأشربة، وهي برقم (٢٤٤) حديث، مؤلفة من (٤٢٢) لوحة في كل لوحة صفحتان.
وهي مكتوبة بخطّ نَسْخ جيِّد، ومضبوط بالشكل أحيانًا؛ ولا سيّما المُشْكِل من الألفاظ وأسماء الرُّواة.
وهي مقابلة بنُسخ أخرى، كما يظهر من الفروق التي في هوامشها، وجاء فيها أيضًا شرحُ غريبٍ وتراجمُ أحيانًا وتعليقاتٌ نفيسة منقولة من خطّ الشيخ المحدِّث عبد الله بن سالم البصريّ؛ هي بمثابة تحقيق للكتاب، ممَّا يُكسِبُها أهميَّة كبيرة، وتصلح أن تكون هذه النُّسخة وحدها أصلًا للتحقيق.
وصاحب هذه النُّسخة هو الشيخ أبو الفضل محمد تاج الدِّين بن عبد المحسن القلعيّ، وإسنادُه فيها إلى الإمام النَّسائيّ مسلسل بالأئمَّة الأعلام، فقد ذكر (١) أنه أخذ كتاب السُّنن هذا المسمَّى بـ "المُجتبى" للإمام أبي عبد الرَّحمن النَّسائيّ عن عدَّة مشايخَ جلَّة، وقال: فمن أجلِّهم - وهو مَنْ سمعتُ منه الصحيحَيْنِ والسُّننَ الأربعة