شرطُ الإمام النَّسائيّ في "المُجْتَبَى" ومنهجه فيه
لم يذكر النَّسائيُّ شرطه في كتابه، ولم يُبَيِّنْ منهجه فيه، لكنَّ الأئمةَ تعرَّفوا على ذلك من استقرائهم للأحاديث التي أخرجها فيه، والرُّواةِ في أسانيده، وأقواله التي وقفوا عليها؛ سواء أكان ذلك في المُتون، أم في الرُّواة، وغير ذلك.
وقد تكلَّمَ الحافظ أبو الفضل ابن طاهر في "شروط الأئمة" على كتابي أبي داود والنسائي، ونقله عنه السُّيوطي في مقدِّمة "زَهْر الرُّبَى"(وهذا الكلام منه)؛ قال:
كتاب أبي داود والنسائي ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الصَّحيحُ المُخَرَّجُ في الصَّحِيحَيْن.
الثاني: صحيح على شرطهما، وقد حَكَى أبو عبد الله بن مَنْدَه أَن شرطهما إخراج أحاديث أقوامٍ لم يُجْمَعْ على تَرْكِهِم؛ إذا صح الحديث باتصال الإسناد من غير قطع ولا إرسال. فيكون هذا القسم من الصَّحيح، إلا أنه طريق دونَ طريق ما أخرجَ البخاري ومسلم في صحيحيهما، بل طريقه طريقُ ما تَرَكَ البخاري ومسلم من الصحيح؛ لِمَا بَيَّنَا أنَّهما تَرَكا كثيرًا من الصحيح الذي حفظاه.
الثالث: أحاديثُ أخرجاها من غير قطع منهما بصحتها، وقد أبَانَا عِلَّتَها بما يفهمه أهلُ المعرفة، وإنَّما أوْدَعا هذا القسم في كتابيهما لأنه رواية قومٍ لها واحتجاجهم بها، فأورَدَاها وبَيَّنَا سُقْمَها لتزولَ الشُّبهة، وذلك إذا لم يجدا له طريقًا غيرَه؛ لأنه أقوى عندهما من رأي الرجال.
وقال ابن الصَّلاح: حَكَى أبو عبد الله بن مَنْدَه أنه سمعَ محمد بن سَعْد البَاوَرديَّ بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبدِ الرَّحمن النسائي أنْ يُخْرِجَ عن كلِّ من لم يُجْمَعْ على تركه.
= "السنن الكبرى" على "السنن الصغرى" من كتب وأبواب، وكذلك ما انفردت به "السنن الصغرى" على "السنن الكبرى"، لكنَّ هذه قليلة بالنسبة لانفراد "السنن الكبرى" كما سلف.