وأسنده أيضًا محمد بنُ صالح التمار (وهو صدوق يُخطئ) فرواه عن الزُّهري بإسناد سابقه، كما في "سنن" أبي داود (١٦٠٤)، و "سنن" الترمذي (٦٤٤)، و "سنن" ابن ماجه (١٨١٩)، و"صحيح" ابن حبان (٣٢٧٨) و (٣٢٧٩). وقد أعلَّه أبو داود بالانقطاع، فقال بإثر الحديث: سعيد لم يسمع من عتَّاب شيئًا. انتهى. لكن على قولِ مَنْ ذكرَ أنَّ وفاةَ عتَّاب تأخَّرت إلى سنة (٢٢)، فإنَّه يصحُّ سماعُ سعيد منه، كما ذكر الحافظ ابن حجر في "التهذيب"، والله أعلم. وأعلَّه أبو حاتم وأبو زُرْعَةَ أيضًا بالرواية المُرسلَة، فقالا - كما في "العلل" ١/ ٢١٣ (٦١٧) -: هذا خطأ، رواه عبدُ الرحمن بنُ إسحاق، عن الزُّهْري، عن سعيد، أنَّ النبيَّ ﷺ أمرَ عتَّابَ بنَ أَسِيد (يعني رواية النَّسائي هذه المرسلة). وقد خالف يونُسُ بنُ يزيد الأَيْليّ كلًّا من عبد الرحمن بن إسحاق ومحمد بن صالح التمَّار، فقال: عن الزُّهري، أنَّ النبيَّ ﷺ أَمَرَ عتَّابَ بنَ أَسِيد .... لم يذكر سعيدَ بنَ المسيّب. ويونُسُ الأيلي من أثبتِ الناس في الزُّهري غير أنَّ الإمام أحمد تكلَّم في روايته عنه، قال أبو زُرْعَة: الصحيح عندي عن الزُّهْري، أنَّ النبيَّ ﷺ. وقال الترمذيّ: حديثٌ حسنٌ غريب، وقد رَوَى ابن جُريج هذا الحديثَ عن ابن شِهاب، عن عروة، عن عائشة. وسألتُ محمدًا [يعني البخاريّ] عن هذا الحديث، فقال: حديثُ ابن جُريج غيرُ محفوظ، وحديثُ ابن المسيِّب عن عَتَّاب بن أَسِيد أثبتُ وأصحُّ. اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "التقريب" في ترجمة سعيد بن المسيِّب: اتفقوا على أنَّ مُرسلاتِهِ أصحُّ المراسيل. وللحديث شاهدٌ من حديث أَبي أُمامةَ بن سَهْل قال: مَضَتِ السُّنَّةُ أَن لا تُؤْخَذَ الزَّكاةُ مِن نَخْلٍ ولا عِنَبٍ حتى يبلغ خَرْصُها خمسةَ أوْسُق، قال الزُّهري: ولا نعلم يُخْرَصُ من الثَمَرِ إلا التَّمْرُ والعِنَب. أخرجه البيهقي في "سننه" ٤/ ١٢٢. وينظر "البدر المنير" لابن الملقّن ٥/ ٥٣٨ - ٥٤١. وسلف معنى الخَرْص من كلام السِّندي في التعليق على الحديث (٢٤٩١).