للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبيه قال: لمَّا كان يومُ فتحِ مكَّةَ أمَّنَ رسولُ الله النَّاسَ، إلَّا أربعةَ نَفَرٍ (١) وامرأتين، وقال: "اقتُلوهم، وإن وجَدْتُموهم مُتعلِّقِينَ بأَستارِ الكعبة: عِكرمةَ بنَ أبي جهل، وعبدَ الله بن خَطَلٍ، ومِقْيَسَ بنَ صُبابةَ، وعبدَ الله بنَ سعد بن أبي السَّرْح" فأمَّا عبدُ الله بن خَطَلٍ فأُدرِكَ وهو مُتعلِّقٌ بأَستارِ الكعبة، فاستَبقَ إليه سعيدُ بن حُرَيْثٍ وعمَّار بنُ ياسرٍ، فسبَقَ سعيدٌ عمَّارًا - وكان أشبَّ الرَّجُلَين - فقتَلَه، وأمَّا مِقْيَسُ بنُ صُبابة فأدركه النَّاسُ في السُّوق، فقَتَلوه، وأمَّا عِكرمة فرَكِبَ البحرَ، فأصابَتْهم عاصِفٌ، فقال أصحابُ السَّفينة: أَخْلِصوا، فإنَّ آلِهَتكم لا تُغني عنكم شيئًا هاهنا. فقال عكرمةُ: واللهِ، لئِنْ لم يُنَجِّني من البحر إلَّا الإخلاصُ، لا يُنَجِّيني في البَرِّ غَيرُه، اللهمَّ إِنَّ لكَ عليَّ عهدًا؛ إن أنتَ عافَيْتَني ممَّا أنا فيه، أن آتيَ محمدًا حتَّى أضعَ يدي في يدِه، فلأَجِدَنَّه عَفُوا كريمًا. فجاء فأسلم. وأمَّا عبدُ الله بن سعد بن أبي السَّرح، فإنَّه اختبأَ عند عثمانَ بن عفَّان، فلمَّا دعا رسولُ الله النَّاسَ إلى البَيعة، جاء به حتَّى أوقَفَه على النَّبِيِّ ، قال: يا رسولَ الله، بايعْ عبدَ الله. قال: فرفَعَ رأسَه، فنظرَ إليه ثلاثًا، كُلَّ ذلك يأبى، فبايعَه بعدَ ثلاث، ثُمَّ أَقبلَ على أصحابه، فقال: "أمَا كانَ فيكم رجلٌ رشيدٌ يقومُ إلى هذا حيثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدي عن بَيْعَتِه، فيَقتُلَه؟ " فقالوا: وما يُدرِينا يا رسولَ الله ما في نفسِكَ، هَلَّا أومَأْتَ إلينا بعينك؟ قال: "إنَّه لا يَنبغي لنبيٍّ أن يكونَ له خائنةُ أَعْيُنٍ" (٢).


(١) في (م): أنفس، وفوقها "نفر" كما أُثبت.
(٢) إسناده حسن من أجل أحمد بن مُفَضَّل، وأسباط: وهو ابن نصر، والسُّدِّي: وهو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة. وهو في "السنن الكبرى" برقم (٣٥١٦). =