للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

رسول الله : "لا، وأستغفِرُ الله، لا أحمِلُ لك حتَّى تُقيدَني مِمَّا (١) جبَذْتَ برَقَبتي" فقال الأعرابيُّ: لا واللهِ لا أُقيدُكَ. فقال رسول الله ذلك ثلاثَ مَرَّاتٍ، كلُّ ذلك يقول: لا واللهِ لا أُقيدُك، فلمَّا سَمِعْنا (٢) قولَ الأعرابي، أقبَلْنا إليه سراعًا (٣)، فالتفت إلينا رسول الله ، فقال: "عَزَمْتُ على من سَمِعَ كلامي أن لا يَبْرَحَ مَقامَه (٤) حَتَّى آذَنَ له" فقال رسول الله لرجل من القوم: يا فُلان، احمل له على بعيرٍ شعيرًا، وعلى بعيرٍ تمرًا" ثُمَّ قال رسول الله : "انصَرِفوا" (٥).


(١) في نسخة بهامش (هـ): بما.
(٢) في (م) و (هـ) ونسخة بهامش (ك): سمعت.
(٣) العبارة في (ر): أقبلت إليه مسرعًا، وفي (م): أقبلت مسرعًا.
(٤) في (ر) ونسخة فوقها في (م): مكانه.
(٥) إسناده ضعيف، هلال والد محمد - وهو هلال بن أبي هلال المدني - لا يُعرف، تفرَّد بالرواية عنه ابنُه محمد. القَعْنبي: هو عبد الله بن مَسْلَمة. وهو في "السنن الكبرى" برقم (٦٩٥٢).
وأخرجه - بتمامه ومختصرًا - أحمد (٧٨٦٩)، وأبو داود (٣٢٦٥) و (٤٧٧٥)، وابن ماجه (٢٠٩٣) من طرق عن محمد بن هلال، بهذا الإسناد.
والصحيح في قصة الأعرابي ما رواه البخاريّ (٣١٤٩) و (٥٨٠٩) و (٦٠٨٨)، ومسلم (١٠٥٧) عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع النَّبيِّ وعليه بُرْدٌ نجرانيٌّ غليظ الحاشية، فأدركه أعرابيٌّ فجذبه جذبة شديدة حتى نظرتُ إلى صفحة عاتق النَّبيِّ قد أثَّرت به حاشية الرداء من شدَّة جذبته، ثم قال: مُرْ لي من مال الله الذي عندك. فالتفتَ إليه فضحك، ثم أَمَرَ له بعطاء.
قال السِّندي: قوله: "فجَبذَ" في "القاموس" الجَبْذُ: الجَذْب، وليس مقلوبه، بل لغة صحيحة كما وهمه الجوهري. "فحمَّر رقبته" أي: جعلها حمراء. "عزمْتُ" أي: أقسمتُ. "أن لا يبرح مَقامه" أي: لا يترك مقامه، بل يقوم مقامه، كأنَّه أراد إظهار ما أعطاه الله من شرح الصدر وسعة الخلق؛ ليقتدوا به في ذلك بقدر وسعهم، والله أعلم.