(٢) رجاله ثقات، إلَّا أنَّ بعض أهل العلم استنكره، فقد استنكره ابن عبد البر فيما نقل عنه الحافظ في "التلخيص الحبير" ٤/ ٦٩، والذهبي في تعقُّبه على الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٣٨٢، وقال المصنِّف في "السنن الكبرى" عقب الحديث (٧٤٢٩): ولا أعلم في هذا الباب حديثًا صحيحًا. قلنا: وهو يُخالف ما رُوي عنه ﷺ من حديث ابن مسعود السالف برقم (٤٧٢١): "لا يحلُّ دم امرئ مسلمٍ إلَّا بإحدى ثلاث؛ النفس بالنفس، والثَّيِّب الزاني، والتارك لدينه المفارق"، وسلف بنحوه من حديث عائشة برقم (٤٠١٦)، ومن حديث عثمان برقم (٤٠١٩)، والسارق ليس من هؤلاء الثلاثة حماد هو ابن سلمة، ويوسف: هو ابن سعد الجُمحي. وهو في "السنن الكبرى" برقم (٧٤٢٨). وسيرد نحوه في الرواية التالية من حديث جابر، واستنكره المصنِّف. قال السِّندي: قوله: "فقال: اقتلوه" سبحان من أجرى على لسانه ﷺ ما آل إليه عاقبة أمره، والحديث يدلُّ بظاهره على أنَّ السارق في المرة الخامسة يُقتل، وقد جاء القتل في المرة الخامسة مرفوعًا عن جابر في "أبي داود" و"النسائي" في الرواية التالية، والفقهاء على خلافه، فقيل: لعلَّه وُجِدَ منه ارتدادٌ أوجب قتله، وهذا الاحتمال أوفَقُ بما في حديث جابر أنَّهم جرُّوه وألقوه في البئر؛ إذ المؤمن وإن ارتكب كبيرةً فإنَّه يُقبر ويُصلَّى عليه، لاسيَّما بعد إقامة الحدِّ وتطهيره، وأمَّا الإهانة بهذا الوجه فلا تليق بحال المسلم، وقيل: بل حديث القتل في المرة الخامسة منسوخ بحديث: "لا يحلُّ دم امرئ مسلم .. " الحديث، وأبو بكر ما علم بنسخه، فعمل به، وفيه أنَّ الحصر في ذلك الحديث محتاجٌ إلى التوجيه، فكيف يُحكم بنسخ هذا الحديث، على أنَّ التاريخ غير معلوم، والله أعلم. وقال الحافظ في "الفتح" ١٢/ ٩٩: وقد قال بعض أهل العلم كابن المنكدر والشافعي: إن هذا الحديث منسوخ. وقال بعضهم: هو خاصٌّ بالرجل المذكور، فكأنَّ النبيَّ ﷺ اطَّلع على أنه واجب القتل، ولذلك أمر بقتله من أول مرَّة. ويحتمل أنه كان من المفسدين في الأرض.