وأخرجَ (٣٤٦١) من طريق أيُّوبَ السَّخْتِياني، عن الحَسَن البصري، عن أبي هريرةَ مرفوعًا:"المُنْتَزِعاتُ والمُخْتَلِعاتُ هُنَّ المُنافقات". قال الحسن: لم أسمعه من غير أبي هريرة. قال النسائي: الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئًا.
قال شمس الدين السخاوي: وحينئذٍ فمَقالةُ الحَسن فيها تدليس، وكأنه أراد: لم أسمعه من غير حديث أبي هريرة، وإن استدلَّ شيخُنا بهذا الحديث على سماعه منه، إذ لولا تأويله بما قلنا ما أردفه النسائي بجَزْمِهِ بعدم سَماعِه منه لشيء مع صحة السَّنَد (١).
ونَبَّه على روايةٍ وقعت له ظاهرُها الانقطاع:
فأخرج من طريق هَمَّام بن يحيى (٣٨٨٠) قال: سأل عطاء سليمان بن موسى قال: حَدَّثَ جابرٌ أنَّ رسول الله ﷺ قال: "مَنْ كانَتْ له أرضُ فَلْيَزْرَعُها أو ليُزْرِعُها أخاه ..... " فالسَّائلُ في رواية النسائي هذه عطاء، والمسؤول سليمان بن موسى، لكنَّ الرواية الصحيحة عكس ذلك، كما في رواية مسلم (١٥٣٦): (٩٢)، وهي من طريق هَمَّام قال: سأل سليمان بن موسى عطاء قال: أَحَدَّثَكَ جابر .... الحديث. وقد انقلبت الرواية عند النسائي، ولذلك قال قبل هذه الرِّواية: وفي رواية هَمَّامِ بن يحيى كالدليل على أنَّ عطاءً لم يسمع من جابر حديثه عن النَّبيِّ ﷺ: "مَنْ كانت له أرض فلْيَزْرَعُها … ".
فقال النسائي: في رواية هَمَّام بن يحيى كالدليل … ، ولم يقل: دليل، لأنَّ سماع عطاء لهذا الحديث من جابر ثابتٌ عنده وعند غيره، وقد أوردَ النَّسائي الرواية كما
(١) كلام السَّخاوي في "بُغية الرّاغب" ص ٧١ - ٧٢، وشيخه المذكور هو الحافظ ابن حجر العسقلانيّ، واستدلاله المشار إليه هو في "تهذيبه" في ترجمة الحسَن البصري، غير أنَّ الحافظ ﵀ وَهِمَ في هذا الاستدلال؛ لأنه نقل قولَ الحَسَن بلفظ: لم أسمع من أبي هريرة غير هذا الحديث. اهـ. ثم إنَّ قول الحسن جاء في النسخة المحموديَّة (م) بلفظ: لم نسمعه من غير أبي هريرة، وهو يتوافق مع المعنى الذي ذهب إليه السَّخاوي في تأويل قول الحَسَن، والله أعلم، وينظر التعليق على الحديث في موضعه من الكتاب.