وسأل ابنُ أبي حاتم أباه عن الأول منهما (يعني رواية عروة عن فاطمة) كما في "العلل" ١/ ٤٩ - ٥٠ (١١٧)، فقال: لم يُتابَع محمد بن عَمرو على هذه الرواية، وهو منكر. وأورد الدارقطنيّ الروايتين في "العلل" ٨/ ١٠٣ وقال: أتى فيه (يعني محمد بن عَمرو) بلفظ أغربَ به، وهو قولُه: إِنَّ دَمَ الحيض دمٌ أسودُ يُعرف. ومن جهة أخرى قال الخطيب البغدادي قبل إخراجه الحديث: ينبغي على الطالب إذا دوَّن عن المحدّث ما رواه له من حفظه أن يُبَيِّن ذلك حال تأديته لتبرأَ عُهْدَتُه من وَهَم إن كان حصلَ فيه، فإِنَّ الوَهَمَ يُسرع كثيرًا إلى الرِّواية عن الحفظ. وقال ابن القطَّان في "بيان الوهم" ٢/ ٤٥٧: منقطع، لأنَّهُ قد حدَّثَ به مرَّةً أخرى من حفظه، فزادهم فيه: عن عائشة فيما بين عُروة وفاطمة، فاتَّصلَ، فلو كان بعكس هذا كان أبعدَ من الرِّيبة، أعني أن يُحدِّث به من حفظه مرسلًا، و من كتابه متصلًا، وأمَّا هكذا فهو موضع نظر. وتعقَّبه ابن القيِّم في حاشيته على "سنن أبي داود" ١/ ١٨٢ على قوله: منقطع، فقال: ليس كذلك، فإنَّ محمد بن أبي عديّ مكانُهُ من الحفظ والإتقان معروفٌ لا يُجهل، وقد حفظَهُ، وحدَّثَ به مرَّة عن عُروة عن فاطمة، ومرَّة عن عائشة عن فاطمة، وقد أدركَ كلتَيهما وسمعَ منهما بلا رَيب. وسيتكرَّر الحديثان برقمي (٣٦٢) و (٣٦٣) سندًا ومتنًا.