للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
رقم الحديث:

أو مسألةٍ حديثيَّة، أو غير ذلك … فلم يقتصر النسائي على إيراد الصحيح فحسب في "المجتبى" كما جاء في قصته مع الأمير.

ومن جهة أخرى؛ فإنَّه تَرَكَ أحاديثَ كثيرةً صحيحة من "السنن الكبرى"، منها ما وقع ضمن كتب بأكملها، كالتفسير، وعمل اليوم واللَّيلة، وعِشْرَةِ النِّساء، وغيرها، وذكر بالمقابل في "المجتبى" أبوابًا في العقود لم يذكرها في "السنن الكبرى"، كما في شركة عنان بين ثلاثة، وشركة مفاوضة … ، وزاد فيه أيضًا أحاديث؛ كما في الإيمان وشرائعه وآخر الجهاد مثلًا؛ بعضُ طُرُقِ أحاديثهما ليست في "الكبرى"، لكن ما زاده في "المجتبى" على "الكبرى" قليل، ولا إشكالَ عندئذٍ في قول من قالَ من الأئمة: إنّ "المُجتبى" مُنتخب من "السنن الكبرى"، لأنّهم قالوا ذلك فيه على التغليب، كما أنَّ بعض الأئمة أطلق اسمَ الصَّحيح على "سُننه" على التغليب أيضًا، والله أعلم.

وذكر الدكتور عُمر إيمان أبو بكر هذا المعنى فقال (١): اختصرَ النَّسائي "الكبرى" في نصف حجمه، وسمَّاه "المُجتبى"، ولكن ليس المراد بالاختصار هنا ما قد يتبادر إلى الذهن من أنَّ كلَّ ما في "المجتبى" من الأحاديث موجود في "الكبرى" كما هي العادة في المختصرات، بل المراد بالاجتباء هنا أنَّ معظم مادة "المُجتبى" مأخوذ من "الكبرى"، وإنما قلتُ ذلك لوجود أبواب بكاملها - بل وكتب أحيانًا في "المجتبى" ليست في "الكبرى"، فالمصنف قد زادَ أحاديثَ في "المُجتبى"، ولكن ما زادَ فيه قليل جدًّا إذا قورن بما نَقَصَ منه من أحاديث الأصل.

وقال الدكتور عُمر أيضًا: لم يكن قصد النسائي من الاختصار مراعاة جانب القوَّة والصحة، ومن قال بذلك فعليه الدليل، بل كان قصده أن يكون "المجتبى" نموذجًا مصغرًا لـ "سُننه الكبرى" … ثم إنَّه راعى في "المُجتبى" جُودةَ الترتيب والاختصار، مع مراعاة الجانب الفقهي (٢).


(١) في كتابه "الإمام النسائي وكتابه المُجتبى" ص ٦١ - ٦٢.
(٢) الكتاب السالف ص ٧٥. وقد نقلتُ منه ما يؤكِّدُ أنَّ "المُجتبى" مختصر من "السُّنن الكبرى"، وهو يوافقُ وَصْف بعض الأئمة له بذلك، وهؤلاء الأئمة يعلمون حقَّ العلم أنه وقع =

<<  <  ج:
ص:  >  >>