للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
رقم الحديث:

وتابعَ الذَّهبيّ على ذلك تلميذه تاجُ الدِّين السبكي في "طبقات الشافعية الكبرى"، وابنُ ناصر الدين الدمشقي فيما نقل عنه ابن العماد في "شذرات الذهب" (١)، فَذَكَرَا أنَّ ابنَ السُّنِّي اختصرَ "سُنن النسائي"، وزادَ ابن ناصر الدين قوله: وسماه "المجتبى".

كذا جزمَ الذَّهبيُّ والتَّاجُ السُّبْكِي وابنُ ناصر الدين أنَّ "المُجتبى" من اختيار ابن السُّنِّي، غير أنَّ ما تطمئن النفسُ إليه أنَّ "المُجتبى" من تأليف النسائي نفسه كما سلف ذكره، والأدلة على ذلك كافية.

والظاهر أنَّ النَّسائي اختار كتابه هذا وانتخبه من "سننه" الكبرى، واقتصر في اختياره على أحاديث الأحكام؛ الصَّحيح منها والحَسَن، وأورد فيه الضعيف أحيانًا إن لم يكن في الباب غيرُه، أو أنَّه أوردَه لزيادة فيه (٢)، أو لبيان علة،


(١) "طبقات الشافعية الكبرى" ٣/ ٣٩، و "شذرات الذهب" في وفيات سنة (٣٦٤).
(٢) قد تكونُ الزِّيادة في المتن، وقد تكون في الإسناد، مثال الأول: الحديث (٣٤٨٥) رواه النسائي من طريق مجاهد، عن يوسف بن الزبير، عن عبد الله بن الزبير، مرفوعًا: "الولدُ للفراش، واحتجبي منه يا سَوْدَة، فليس لك بأخ". الحديث؛ في قصَّة زَمْعَة وجاريته، وهو صحيح دون قوله: "فليس لكِ بأخ" فقد تفرَّدَ به يوسف بن الزبير، وهو مجهول الحال. ومثال الثاني (يعني الزيادة في الإسناد): الحديث (٥٤٥٣) رواه من طريق عبد الله بن رجاء، عن سعيد بن سَلَمةَ بن أبي الحُسام العَدَويّ، عن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن عبد الله بن المطلب، عن أنس بن مالك، أنَّ رسول الله كان إذا دعا قال: "اللَّهمَّ إني أعوذُ بك من الهَمِّ والحَزَن … ". الحديث؛ قال النسائي بإثره: سعيد بنُ سَلَمَةَ شيخ ضعيف، وإنَّما أخرجناه للزيادة في الحديث. انتهى كلامه. واعتبر السَّخاوي في "بُغية الرّاغب المُتَمَنِّي" ص ٥٦ كلام النسائي هذا اعتذارًا عن تخريجه لهذا الضعيف. اهـ. والزّيادة التي زادها سعيدُ بنُ سَلَمةَ هي ذِكرُ عبدِ الله بن المطلب في إسناده بين عمرو بن أبي عمرو وأنس بن مالك ، لكنّ متن الحديث صحيح، وقال المِزِّيُّ في "تهذيب الكمال" ١٠/ ٤٨٠ في ترجمة سعيد هذا: رواه غيره عن عمرو، عن أنس، لم يذكر بينهما أحدًا، وهو المحفوظ. والله أعلم.
ملاحظة: هناك راوٍ آخر اسمه سعيد بنُ سَلَمة، وهو المخزومي، من آل ابن الأزرق، وثقه النسائي، وقد روى عن المُغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة حديث البحر: "هو الطَّهُورُ ماؤُهُ، الحِلُّ مَيْتَتُه". وهو في هذا الكتاب بالأرقام: (٥٩) و (٣٣٢) و (٤٣٥٠).

<<  <  ج:
ص:  >  >>