وأخرج حديث أبي هريرة ﵁ أيضًا (٩٢٥) مرفوعًا: "إِذا أَمَّنَ القارِئُ فَأَمِّنُوا، فإِنَّ الملائكة تُؤمِّنُ، فمَنْ وافَقَ تأمينُه تأمين الملائكةِ غَفَرَ الله له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه". وترجمَ له بقوله: جَهْر الإمام بـ "آمين". قال السندي: أخذ منه المصنِّفُ (يعني النَّسائي) الجَهْرَ به "آمين"، إذ لو أَسَرَّ الإمامُ بـ "آمين" لَمَا عَلِمَ القومُ بتأمين الإمام، فلا يَحْسُنُ الأمرُ إيَّاهم بالتأمين عند تأمينه، وهذا استنباطٌ دقيقٌ يُرَجِّحُه ما سبق من التصريح بالجَهْر، وهذا هو الظاهرُ المُتبادر.
وذكر السَّخاوي (١) فيما فيه دِقَةُ الاستنباط كذلك أنه ترجم للطَّلاق بالإشارة المُفْهِمَة، فذكر حديث أنسٍ ﵁(٣٤٣٦) أنه كان لرسول الله ﷺ جارٌ فارسيٌّ طَيِّبُ المَرَقَة، فأتَى رسول الله ﷺ ذات يوم وعنده عائشة، فأَوْمأ إليه بيده: أنْ تَعَالَ، وأَوْمأَ رسول الله ﷺ إلى عائشة، أي: وهذه، فأَوْمأ إليه الآخرُ هكذا بيده: أن لا، مرتين أو ثلاثًا.
وذكر حديث أبي هريرة مرفوعًا (٣٤٣٨): "انْظُرُوا كيف يصرفُ اللهُ عني شَتْمَ قريشٍ ولَعْنَهُم، إِنَّهم يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا، ويلعنون مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّد"ﷺ، وترجم له بقوله: باب الإبانة والإفصاح بالكلمة الملفوظ بها إذا قصد بها لما لا يَحْتَمِلُ معناها لم توجب شيئًا ولم تُثبت حكمًا.
وقد يعقد الترجمة على صيغة الاستفهام:
ولعل ذلك بسبب الاختلاف في الحُكم الفقهيّ الذي يذكره في الترجمة، أو للتنويع في الأسلوب، وهذه أمثلة على ذلك:
هل يستاك الإمام بحضرة رعيَّتِه؟ (٤).
هل يؤذِّنانِ جميعًا أو فرادى؟ (٦٣٩).
إذا تقدَّم الرَّجلُ من الرَّعِيَّة ثم جاء الإمام؛ هل يتأخر؟ (٧٨٤).