من الدَّنَس، اللَّهُمَّ اغْسِلْني من خَطاياي بالثَّلج والماء والبَرَد"، وترجَمَ له بقوله: باب الوضوء بالثَّلج، ثم أخرجه بعده (٦١) بنحوه من حديث عائشة ﵂، وترجم له بقوله: الوضوء بماء الثَّلج، ثم أعادَهما في كتاب المياه (٣٣٣)(٣٣٤) وترجم لهما بقوله: باب الوضوء بماء الثلج والبرد.
ذكرهما أيضًا شمس الدين السخاوي (١).
* ومثال ما دقَّق فيه الاستنباط:
ما ترجَمَ لحديث حَكِيم بن حِزَام (١٠٨٤) قال: بايعتُ رسول الله ﷺ أَنْ لا أُخِرَّ إلا قائمًا. ترجم له بقوله: باب كيف يَخِرُّ للسُّجود. قال السندي: معناه، أي: لا أسقُط إلى السجود إلا قائمًا، أي: أرجِعُ من الرُّكوع إلى القيام، ثم أخر منه إلى السُّجود، ولا أَخِرُّ من الرُّكوع إليه، قال السندي: وهذا هو المعنى الذي فهمه المصنِّفُ (يعني النَّسائي). وقيل: معناه: لا أموتُ إلا ثابتًا على الإسلام، فهو مثل: ﴿وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾، وقيل: معناه: لا أقعُ في شيء من تجارتي وأموري إلَّا قُمْتُ به مُنتصبًا له، وقيل: معناه: لا أَغْبِنُ ولا أَغْبَنُ، وبالجملة؛ فالحديثُ ممَّا أشكل على الناس فهمُه، وما أشار إليه المصنف (يعني النَّسائي) في معناه أحسن، والله تعالى أعلم. انتهى.
وأخرج حديث أبي هريرة ﵁(٧) مرفوعًا: "لولا أنْ أشُقَّ على أمتي لأمَرْتُهُمْ بالسواك عندَ كُلِّ صلاة". وترجم له بقوله: باب الرخصة في السواك بالعشي للصائم. قال السندي: فيه دلالة على أنَّه لا مانع من إيجاب السواك عند كل صلاة إلا ما يُخافُ من لزوم المشقَّة على الناس، ويلزمُ منه أن يكونَ الصَّومُ غير مانع من ذلك، ومنه يؤخذُ ما ذكره المصنِّفُ (يعني النَّسائي) من الترجمة، ولا يخفى أنَّ هذا من المصنِّف استنباطٌ دقيق، وتيقظ عجيب، فللَّه دَرُّهُ ما أَدَقَّ وَأَحَدَّ فَهُمَه!. اهـ.
(١) في "بغية الرّاغب" ص ٣٠ - ٣١، وثمَّةَ أمثلةٌ أخرى على هذا النحو تُنطر فيه.