وجهان أجراهما بعضهم فيما لو تبايعاه في الذمَّة، وتقابضاه من غير رؤية، وألحق الإِمام قبض الغائب ببيع الغائب؛ لأنّ القبض سبب مملِّك كالبيع، فإِن قلنا: لا يصحُّ، بطل العقد بالافتراق، بخلاف قبض الجزاف؛ لأنَّ القبض فيه وارد على عين مملوكة، وإِن صحَّحنا القبض ففيه احتمال من جهةِ أنَّهما تفرَّقا مع جواز البيع؛ لأنَّا إِذا جوَّزنا قبض ما لم يرَ فلا بدَّ فيه من الخيار.
وتردَّد الإِمام في الخيار فيما لم يره القابض، من جهةِ أنّه إِن كان على الصفة المستحَقَّة فلا فائدة في ردِّه؛ لأنَّه يملك إِلزامه به بعد الردِّ، وليس ذلك بفسخ، بخلاف الخيار في العقد، ويجوز أن يُجعل ذلك فسخًا للقبض.
* * *
١٢٥٧ - فصل في قبض الموزون مجازفةً
إِذا ثبت له دين موزون ببيع أو قرض أو غيرهما لم يستحقَّ قبضه إِلَّا بالوزن، فلو دفع إِليه المَدِينُ كيسًا فيه دراهمُ مجهولةٌ، وقال: خذها بحقِّك؛ لم يحصل القبض، ولم يملك الدراهم، ويلزمه ضمانُها، وإِن قال: خذ حقَّك ممَّا في الكيس، فأخذه بالوزن، ففيه الوجهان، ولو تلفت الدراهم قبل الوزن فلا ضمان، لأنَّه وكيل ما لم يقبض، فصار كما لو أذن المودِع في استخدام الوديعة، فإِنَّ يد الإِيداع تستمرُّ إِلى الاستخدام.