قتل النساء والصبيان حرامٌ إلَّا أن يقاتلوا، أو يتعلَّق بقتلهم غرضٌ ظاهر في القتال، فإذا وجد الغرضُ، فلنا حالان:
إحداهما: ألا يُقصد النساء، والصبيان، بل يقصد الحصونُ بالأسباب العامَّة؛ كنصب المجانيق، والإغراق، والإحراق، فإن تعذَّر الفتحُ بدون ذلك، أو أمكن ولكن بعد طول وعُسْر، جاز ذلك من غير كراهة.
الثانية: أن يُقصدَ قتل النساء والصِّبيان بأعيانهم إذا تترَّس بهم الكفَّار، فإن كان الكفَّار مُقْبلين على القتال، قصدناهم بالسلاح، ولا يُبالَى بإصابة النساء والصبيان.
وإن لم يقاتلوا, ولم يمكن قتلُهم إلَّا بقصد الترسة؛ فإن خفنا أمرًا مكروهًا، وجب قتلُ النساء والصبيان، وإن لم نخف ذلك، فقتلُهم حرام أو مكروه أو مباح؟ فيه ثلاثةُ أقوال؛ فإن قلنا: يُكره فتيسَّر فتحُ القلعة بغير هذه الأسباب، لم يحرم نصبُ المنجنيق، وفي كراهته خلاف، ولعلَّ الأوجهَ الكراهةُ، وذكر في "التقريب" في جواز قصدهم مع إمكان الفتح دون قتلهم قَصْدًا قولين، فحصل طريقان:
إحداهما: إجراء القولين مع إمكان الفتح.
والثانية: إجراؤهما مع تعذُّر الفتح، والطريقان متباعدتان.
* * *
٣٥٩٦ - فصل في تترُّس الكفَّار بأسرى المسلمين
إذا تترَّس الكفار بأسرانا في قلعة، ولم يمكن الفتحُ إلَّا بالأسباب العامَّة؛