فإن أقام الوارث بيِّنة أنَّها هلكت قبل موت المودَع، أو بعد موته وقبل التمكُّن من الردِّ، فلا ضمان.
وإن ثبتت الوديعة، أو أقرَّ بها الوارث، واتَّفقا على أنَّه ترك الوصيَّة، فقال المالك: قصَّر بتركها فيضمن، وقال الوارث: إنَّما لم يوصِ لأنَّها تلفت على حكم الأمانة، فوجهان مرتَّبان، وأولى بنفي الضمان.
وإن قال الوارث: لا أدري؛ هل ترك الوصيّة لأنَّها تلفت على حكم الأمانة، أم لا؟ فإن ضمَّنَّاه إذا جزم بدعوى التلف على حكم الأمانة فهاهنا أولى، وإن لم نضمِّنه ثَمَّ فالأصحُّ هاهنا وجوبُ الضمان.
٢١٦٩ - فصل في نيَّة الخيانة
الوديعة أمانة لا تُضمن إلا بالتعدِّي، واتَّفقوا على أنَّ المودَع لا يلزمه ردُّ الوديعة بنفسه، ولا بنائبه، ولا مؤونةُ ردِّها، وإنَّما عليه التخليةُ بينها وبين مالكِها إذا طلبها.
ولو نوى احتراكَها عند قبضها من المالك ضمنها على المذهب، وإن نوى احتراكَها بعد القبض ولم يُحْدِثْ فعلًا، لم يضمن على المذهب، وإن نقلها نقلًا يَسُوغُ مثلُه ونوى بذلك الاحتراكَ ضمن. هذا إن جزم النيَّة، فأمَّا خواطرُ الوسواس مع مدافعة وازع الدِّين فلا حكمَ لها، ولو تردَّد رأيه من غير جزمٍ فلا حكم له عند الإمام.