إذا نصب في المَوَات أعلامًا أو أحجازا، أو حفر فيه زُبْيةً (١) أو آبارًا، قاصدًا للتملُّكِ أو غيرَ قاصدٍ، فهلك بذلك شيءٌ، لم يضمنه، إلا أن يحفرها في مواتِ الحرم، فيضمنُ الصيد اتِّفَاقًا، ولو فعل ذلك في أرضٍ مغصوبةٍ وجب الضمانُ.
وإن حفر بئرًا في شارعٍ أو مكانٍ يرتَفِقُ به الناسُ، فإن كان الطريقُ ضيِّقًا قد يَغْلِبُ على الظنِّ السقوطُ فيها والتأذِّي بها، ضَمِنَ ما يتلفُ بها، وإن أذن الإمامُ في ذلك لم يَجُزْ، ولم يسقط الضمانُ؛ لأنَّ إذنه على خلافِ الشرع عدوانٌ، وإن كان الطريقُ واسعًا لا يَشُقُّ على سالكها تَوَقِّي البئرِ: فإن حفرها لغَرَضِهِ بغيرِ إذنِ الإمام ضَمِنَ، وكذا إن أَذِنَ على الأصحِّ، وإن حفرها لمنفعةِ الناس كالاستقاءِ وانصبابِ مياه المَيَازِب فطريقان:
إحداهما: إن استأذنَ الإمامَ لم يَضْمَنْ، وإن لم يستأذن فقولان.
والثانية: إن لم يستأذن ضَمِنَ، وإن استأذن فقولان.
ولو أَذِنَ الإمامُ ابتداءً في الحفر، فلا نُوجِبُ الضمانَ لتقصيرهم في حفظها أو جَهْلِهم بصفتها.
وارتفاقُ المُلَّاكِ بالشوارع إنْ منعناه ضمِنَ، وإن أَجَزْناه: فإنْ خفَّتِ الحاجةُ إليه كالأجنحة والعوامل وجب الضمانُ، وإن اشتدَّت كالميازيبِ وقشورِ البطيخِ والقماماتِ فوجهان.