ومثال الغبطة: أن يشتري ما يساوي ألفين بألفٍ نسيئةً، ولا يُمْكِنُ ذلك إِلا برهنٍ، فإِن كانت قيمة الرهن ألفًا جاز، وإِن كانت ألفين لم يجز؛ لِمَا في ذلك من تنجيز الحَجْر، وقال أبو محمّد: إِن كان الرهن مأمون التلف -كالأراضي- ففيه احتمال، وهذا حسن، ولكنَّه خلافُ ظاهر المذهب.
وحكم المكاتَب في الرهن والبيع بنسيئة كحكم وليِّ الطفل، وقيل: إِنَّ رهنه وبيعه نسيئة كتطوُّعه، فلا يصحُّ إِن لم يأذن السيِّد، وإِن أَذِنَ فقولان.
فإِن جوَّزنا رهن المكاتب ففي المأذون في التجارة وجهان كالوجهين في الإِجازة؛ إِذ لا يُعدُّ الرهن من التجارة.
* * *
١٤٥١ - فصل في ارتهان الأب مالَ الطفل
يُشترط في تصرُّف الأب من الغبطة والمصلحة ما يُشترط في تصرُّف غيره -كالقيِّم والوصيِّ- في الرهن والارتهان وغيرهما، وليس لأحد أن يتولَّى طرفي العقد إِلّا الأبَ والجدَّ، فيجوز لهما أن يُرْهِناه مالَ أنفسِهما، وأن يَرتهنا ماله، حيث يجوز مثلُ ذلك من الأجنبيِّ، وإِذا تولَّى الطرفين ففي اكتفائه بأحد الشقَّين وجهان، فإِن اكتفينا به اقتصر على أيِّهما شاء، وإِن شرطناهما فليقل: رهنتُ وارتهنتُ وبعتُ واشتريتُ، أو: بعتُ ورهنتُ وقبلتُ، وهل ينقطع خياره في البيع بمفارقة المجلس، أو لابدَّ من إِلزام العقد باللفظ؟ فيه وجهان، وسنذكر كيفيّة قبضه في فصل رهن الوديعة.