مَن أتت زوجتُه بولدٍ يلحقُه في الحكم، فإنْ عَلِمَ انتفاءه عنه بأنْ تضعَه لأقلَّ من ستَّة أشهر، أو لاكثر من أربع سنين من حين الوطء، أو تيقَّن أنَّه لم يطأ، فيلزمُه القذف، ونفيُه باللعان، وإن جوَّز كونَه منه فله أحوال:
الأولى: ألا يستبرئها بعد الوطء، فيَلحقه، ولا يحلُّ له قذفٌ ولا لعانٌ وإن رآها تزني قبل الوطء أو بعده، وقال الإمام: إنْ منع الأصحاب القذف واللعان لنفي الولد فهذا قريبٌ، وإن منعوا ذلك مع أنَّه لا ينفي النسب فلا وجه له.
الثانية: أن يستبرئها، فتضعه لستَّة أشهرٍ فصاعدًا من حين الاستبراء، ففي جواز القذف والنفي باللِّعان وجهان، وقال العراقيُّون: إن وقع بعد الاستبراء شيءٌ من الرِّيَبِ المذكورة لزمه نفيُه، وإن لم يقع شيءٌ منها لم يجز، وفيه وجهٌ آخر دلَّ عليه كلام الأئمَّه، وهو جوازُ النفي عند الرَّيبة، ومنعُه عند انتفائها؛ إذ لا يتِّجه إيجاب النفي مع الإمكان.
الثالثة: أن تأتي بعد القذف بولدٍ شديدٍ الشَّبَهِ برجلٍ آخر، فإنْ لم تكن ريبةٌ حَرُمَ النفي، وإن كانت فوجهان.
الرابعة: أن تضعه شديد السواد، وأبواه أبيضان، ففي جواز نفيه للعراقيِّين وجهان، ولم يتعرَّضوا لشرط الريبة هاهنا، فغالبُ الظنِّ أنَّهم يشرطونها، ولا عبرة بغير الألوان من الخلق؛ كالحُسْن والقبح، والنَّقْصِ والكمال، ولا بتقارب الألوان، كالسُّمرة والأدمة مع بياض الأبوين.