وقال الإمام: إن جعلنا التفويضَ توكيلًا، ولم نشرط فيه الفورَ، لم تقع الثلاث؛ لأن تصرُّفَ الوكيل مستأنَفٌ لا يُبنى على التوكيل، وإن جعلناه تمليكًا احتُمل أن يُبنى كلامُها على كلامه، فتقعَ الثلاث، واحتُمل ألّا يُبنى، فإنَّه ملَّكها تصرُّفًا تامًّا مستقلًّا، بخلافِ ابتناءِ القبول على الإيجاب، فإنَّه لا يستقلُّ، ولهذا لو فوَّض الثلاثَ، فطلَّقت واحدةً، أو بالعكس، وقعت الواحدةُ، ولو ابْتَنَى جوابُها على خطابه لم يقع شيءٌ، كمَن باع عبده بألفين، فقَبِلَه المشتري بألفٍ.
* * *
[٢٦٣٦ - فصل في إضافة الرجل الطلاق إلى نفسه]
إذا قال: أنا منكَ طالقٌ، ونوى الطلاق؛ فإنْ نوى إيقاعَه عليها طَلَقَتْ، وإن لم ينوِ إيقاعَه عليها، ولا تطليقَ نفسه، لم تَطْلُق عند الجمهور، خلافًا لجماعةٍ من المحقِّقين، وإنْ نوى تطليقَ نفسه لم تطلق، ولا نحتفل بقولِ منَ أوقع الطلاق.
وإن قال: طلِّقي نفسك، فقالت: طلَّقُتكَ، لم تطلق عند ابن خَيْران، وعلى المذهبِ: إن قصدَتْ تطليق نفسِها وقع، وإن أطلقتْ فعلى الخلاف.
وإن قال لعبده: أنا منكَ حرٌّ، ففي كونه كنايةً وجهان، فإن جُعل كنايةً، فهو كقوله: أنا منكِ طالقٌ، في جميع ما ذكرناه.
وإن قال لامرأته: أعتدُّ منك وأستبرئ رحمي، فليس بكنايةٍ على الأصحِّ.