إِذا ثبت الحقُّ، فإِن كان على معسرٍ أُنظِر، ولم يُتعرَّضْ له إِلى اليسار، وإِن امتنع من أداء الحقِّ مع القدرة فهو ظالم، فإِن ظفر الحاكم بماله ابتدر بيعه، وصرفه في دينه، ولا يحجر عليه؛ إِذ يجب على الولاة إِيفاءُ الحقوق وإِبقاؤها على المستحِقِّ على حسب الإِمكان.
وإِن لم يظهر للممتنع مال؛ فإِن أَشكل أمرُه حبسه، ولا يزيد على الحبس بتعزير ولا غيره، وعلى ذلك درج الأوَّلون.
وإِن عرف الحاكم ظُلْمَه بالامتناع مع القدرة ببيِّنةٍ أو إِقرار أو غيرهما حَبَسه وعزَّره، وكذلك يعزِّر كلَّ من ظهر عناده في أداء الحقوق.
والتعزير المتعلِّق بالنظر العامِّ مفوَّض إِلى رأي الإِمام من غير تخيُّر فيه، بل يجتهد، ويفعل الأقصد، ويختلف ذلك باختلاف الرُّتَب، فقد يحصل الغرض بمجرَّد الحبس، وقد لا يكترث المعاند بإِطالة الحبس، فيجري الحاكم على ما تقتضيه الحال، ولا يبلغ بالتعزير الحدَّ، وله أنَّ يعزِّر في الأوقات تعزيراتٍ يزيد مجموعها على الحدِّ، ولا يعزِّر ثانيًا حتى يبرأ من الأوَّل؛ لأنَّ الإِصرار على الامتناع كتعدد الجنايات في اقتضاء التعزيرات.