إذا رأى الإمامُ رأيَ الشافعيِّ، فلا يستعينُ على البغاة بمَنْ يخالفه في كيفيَّة القتال، ولا بمَنْ يرى قتلَ مُدْبرهم؛ كالحنفَيَّة، ولا بأحد من الكفَّار، كما لا يحلُّ له أن يتَّخذ جلَّادًا كافرًا؛ ليحدَّ المسلمين، ولا يقاتلهم بالأسباب المصطلمة؛ كالسيل، والمجانيق، وإضرام النار، فإن قاتلونا بذلك قاتلناهم، فإن أحاطوا بنا، وعلمنا أنَّهم يمَعون بنا؛ إن لم نفعل ذلك، فعلناه، كما يجوز مثلُ ذلك في الصائل إذا لم يندفع إلَّا به، فإن تحصَّنوا بحصن لا يمكن أخذُه إلَّا بالأسباب المُصطلمة، لم يجز إن كان فيهم رعايا تصيبهم هذه الأسبابُ، وإن لم يكن سوى الجندِ، ولا يمكن فتحُ السُّور؛ لأنَّهم يقاتلون عنه، لم يجز نصبُها عند الإمام، بل يُحاصَرون، ويُضيَّقَ عليهم؛ لأنَّ إبقاءَهم مع العصيان أصلحُ من الاستئصال.
٣٤٣١ - فروعٌ شتى:
الأوَّل: ينفذ حكمُ قاضيهم إذا وافىَ إجماعًا، أو محلًّا يسوغُ فيه الاجتهادُ، فإن ورد علينا كتابُه بما حكم به، لزمنا إمضاؤه، واستيفاء الحقِّ لصاحبه، وإن سمع البيِّنة، ولم يحكم، ففي العمل به قولان طردهما بعضُهم فيما حكم به؛ لما فيه من إعانتهم على بَغْيهم؛ إذ ليس لنا إعانتهم على إقامة مناصب القضاة، والولاة، ولو فُرِّقَ بين ما يتعلَّق بالرعايا والأجناد، لكان متَّجهًا.
الثاني: تُقبل شهادةُ البغاة، ولا تُقبل شهادةُ الخطِّابيَّة الذين يكفِّرون بالكذب، ويجيزون الشهادةَ بما يخبرهم به أحدُهم.