وقال المزنيُّ: تُقدَّم بينة العبد؛ لأنَّه في يد نفسه، وهذا لا يصحُّ، فإنَّه لا يصيرُ في يد نفسه إلَّا بعد العتق.
* * *
[٤٠٤٥ - فصل في الشهادة بالولادة في الملك]
إذا كان بيد رجل جارية، فشهدت بيِّنة لآخر بأنَّ الجاريةَ بنتُ أمته عَلِقت بها في ملكه وولدتها في ملكه، فقد قال المعظم: يُحكم له بالجارية، وهو خطأ, وقالوا: لو شهدت بأنَّها بنتُ أمته، لم تُسمع على الجديد، وخرَّجوا من القديم قولًا في السماع؛ إذ الغالبُ أنَّ ولد الأمة ملك للسيِّد، والأملاك يُكتفى فيها بالظواهر، وهذا زللٌ لا يجوز عدُّه من المذهب، والمسلكُ الحقُّ: أنَّه إن أقام البيِّنة بأنَّها في ملكه في الحال، وأسندت الملكَ إلى الولادة، ثبت الملكُ، وإن شهدت بأنَّها بنتُ أمته، ولم تتعرَّض للملك في الحال، لم تُسمع دعواه، ولا بينته؛ فإنَّ أمتَه قد تلد ولدًا في غير ملكه، وفي غير يده.
وإن قال: ولدَتْها في ملكي؛ فإن فسَّر ذلك بأنَّها ولدتها وهي في ملكه، وأقام البينة بذلك، فعلى القولين في الشهادة بملك متقدِّم، وإن فسَّره بكون الجارية في ملكه، فقد ادَّعى ملكًا قديمًا في الجارية، ويدًا سابقة في الولد، ففي ثبوت اليد على الولد القولان في الشهادة بالملك المتقدِّم؛ لإمكان أن يكونَ الولدُ لغيره بوصيَّة، أو يكون حرًّا، ويحتمل إذا ادَّعى ملكَ الأمِّ، أو كان ثابتًا لا نزاعَ فيه أن يُلحقَ بمَن ادَّعى جاريةً حاملًا، فإنَّه يُجعل مدَّعيًا