في الصور السابقة سوَّينا هاهنا على قول الجمهور؛ للاستواء في الحاجة، ويُحتمل إجراؤه على الخلاف، وإذا أوجبنا التسويةَ، فكان الفاضلُ لا يَسُدُّ مِن كلِّ واحدٍ مَسَدًّا، أُقرع بينهم عند الإمام، وإن سَدَّ مِن كلِّ واحدٍ منهم مَسَدًّا، قُسِّم بينهم.
* * *
[٣٠٩٦ - فصل في رضاع الولد]
إذا طلبت الأمُّ إرضاع الولد تبرُّعًا، أو بأجرةِ مِثْلِها؛ فإنْ لم تكن مشغولةً بحقِّ الزوج فهي أحقُّ به، إلّا إذا طلبت أجرةَ المثل مع وجود متبرِّعةٍ بالرضاع، أو مسامِحةٍ بالأجرة، ففي تقديم الأمِّ بأجرة المثل قولان؛ لملاءمة لبنها لولدها، ومزيدِ شفقتها، وليس لها طلبُ الزيادة على أجرة المِثْلِ اتِّفاقًا.
وإن امتنعت من الإرضاع، فلم نجد غيرها، وخِيفَ على الصبيِّ التلَفُ، أو ما يُوقِع في التلف، لزمها إرضاعُه، والأجرةُ على الأب اتِّفاقًا، وإنْ وُجِدَ غيرُها لم يَلْزَمْها الرضاع، وعليها سَقْيُه اللِّبأ بالأجرة إن كان له أجرةٌ.
وإن كانت مشغولةً بحقِّ الزوج، فطلبت الرضاع، وطلب الزوجُ الاستمتاعَ في أوقات الرضاع، فله ذلك عند الجمهور، وفيه وجهٌ، وقال الإمام: له المنعُ إن كان الولدُ لغيره، وإن كان له ففيه هذا الخلافُ، ويُمْكِنُ بناؤه على الخلاف في وجوب الأجرة مع وجود المتبرِّعة، فإنَّ ما يتعطَّل عليه من الاستمتاع لمصلحة الولد بمثابةِ بذلِ الأجرة لإصلاحه.