للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن اعتقد الإمامُ أنَّ الحرَّ لا يُقتل بالعبد، واعتقد الجلَّاد أنّه يُقتل به، وأمره الإمامُ بالقتل من غير بحث عن الحريَّة، فقتله؛ بناءً على اعتقاد نفسه؛ فإن قلنا: العبرةُ في المسألة السابقة باعتقاد الإمام، وجب القصاصُ على الجلاد، وإن قلنا: العبرةُ بعقيدة الجلَّاد، لم يضمن ها هنا عند العراقيين، وقال الإِمام: يضمن؛ لأنَّه مسخَّر مؤتمَن لم يُفوَّض إليه العمل برأيه، فهذا عمل برأيه، صار مستقلًّا بالقتل، وإن أخبره الإمامُ بأنَّه ظالم بالأمر بالقتل، فإن كان مُكرَهًا، فالضمانُ عليهما، وإن كان مختارًا، فلا ضمانَ على الإِمام.

* * *

٣٥٣٩ - فصل في ضمان مَنْ مات بالتأديب أو التعزير

للوالد تأديبُ ولده، وللمعلِّم تأديبُ الصبيِّ، وللزوج تأديبُ الزوجة الناشزة؛ بشرط الاقتصار على ما يحصّل التأدُّبَ مشروطًا بالسلامة، فإن لم يَحْصُلِ التأدُّبُ إلَّا بضرب مُبَرِّح يُخشى منه التلفُ، لم يحلَّ المبرح؛ لأنه قاتل، ولا ما دونه؛ إذ لا فائدةَ فيه (١)، فإن أدَّى التأديبُ إلى التلف؛ فإن


(١) يقول العز بن عبد السلام رحمه الله في "شجرة المعارف والأحوال" الفصل (٥٥٩): "إذا تعلم الصبيُّ ما ينبغي أن يتعلمه من غير زجر فلا يُزجَر. وإن لم يتعلم إلا بالزجر زُجر. فإنْ لم ينجعْ فيه الزجرُ ضُرِبَ ضربًا يحتملُه مثله، وتغلبُ منه السلامة، وإنْ لم ينزجرْ إلا بالضرب المبرِّح حَرُم المبَرِّحُ لأدائه إلى قتله، ولم يَجُزْ غيرُ المبرِّح؛ لأنّه إنما جاز لكونه وسيلةً إلى الإصلاح، فإنْ لم يحصل الإصلاحُ حَرُم لأنّه إضرار غيرُ مفيد". وانظر مقدِّمتي لتحقيق كتاب "شجرة المعارف" (ص: ٣٦ - ٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>