القبض إِذا ورد على يدِ غيرِ مستدامة فلا بدَّ من تصويره، بخلاف ما ذكرناه في الرهن من المودع؛ فإِنّه عقد ورد على يد مستدامة، وهاهنا مجرَّد قبض فلا بدَّ من تصوير القبض، فإِن قال: اقبضه لنفسك، ففي صحَّة قبضه لنفسه وجهان، فإِن قلنا: يصحُّ فلا بدَّ أن يأتي بما يكون مثلُه قبضًا في الابتداء، وإِن قال: أمسكه لنفسك، لم يصحَّ على قول الأصحاب، وخرَّجه صاحب "التقريب" على الخلاف في أنَّ العقد هل يتضمَّن الإِقباض؟ ورأى أنَّ هذا أولى، من جهةِ أنَّه يعرض للإِقباض بصريح قوله.
* * *
[١٤٩٤ - فصل في تخليل الخمر]
الخمر ضربان: محترَم وغيرُ محترم، فغير المحترم: ما اعتُصِرَ لأجل الخمر، ويجب إِراقتها على ربِّها، فإِن طلب أن يُحال بينه وبينها إِلى أن تتخلَّل، لم نُجبه إِلى ذلك، وأرقناها في الحال، فإِن تخلَّلت بغير علاج فقد صارت مالًا، فلا يُراق اتِّفاقًا (١)، وإِن طُرِح فيها ملح أو خلٌّ أو غيرهما لتتخلَّل، فتخلَّلت، لم تطهر، ولم تحلَّ؛ إِمَّا لأنَّ التخليل محرَّم، أو لنجاسة ما طُرح فيها، ولا وجه للتعليل بالنجاسة؛ لأنَّ المطروح طاهر في نفسه، وإِنَّما يتنجَّس بملاقاة الخمر، فإِذا طهرت الخمرة فلا وجه لبقاء نجاسته.
وإِن خلَّلها بالنقل من شمس إِلى ظلٍّ، أو من ظلِّ إِلى شمس، فوجهان.
وإِن أمسكها لتتخلَّل فوجهان مرتَّبان، وأولى بالحِلِّ؛ إِذ لا فِعْلَ.