إذا حاضت مرَّة أو أكثر، ثم انقطع الحيض؛ فإن عُرف سببُ الانقطاع؛ كداءٍ بالباطن، أو مرضٍ، أو رضاعٍ، وجب انتظارُ الحيض اتِّفاقًا، وإن لم يظهر السببُ: فهل تصبر إلى اليأس، أو أربعَ سنين، أو تسعةَ أشهر؟ فيه أقوالٌ أصحُّها أوَّلُها، فإنَّ الانقطاع لا يقع إلا بسببٍ، فلا فرق بين جَلِيّه وخفِيِّه، وكلاهما متوقَّعُ الزوال، فإذا مضت مدَّة الصبر اعتدَّت بثلاثة أشهر.
فإن قلنا: تصبر تسعةَ أشهرِ، فحاضت، فلها أحوال:
الأولى: أن تحيض في أثناء التسعة، فإن استمرَّ الحيض اعتدَّت بالأقراء، وإن انقطع استأنفت التسعةَ اتِّفاقًا.
الثانية: أن تحيض في أشهر العدَّة، فإن استمرَّ اعتدَّت بالأقراء، وإن انقطع استأنفت التسعةَ.
وهل تبني على ما مضى من العدَّة، أو تستأنفها؛ فيه وجهان أَولاهما: الاستئناف.
فإن قلنا بالبناء، فلو بقي عليها يومٌ واحد أكملت العدَّة به، وقيل: يُحتسب بما مضى قرءٌ، ثم تعتدُّ بشهرين، وهذا لا يصحُّ؛ لأنّه تلفيقٌ للعدَّة من الأصل والبدل، والواجبُ لا يتلفَّق من أصولٍ كخصال الكفَّارة، فكيف يتلفَّق من أصل وبدل؟ !