هذا إنْ وقع الصَّدْمُ بفِعْلِ الملاحَيْنِ، فإنْ وقع بغلبةِ الريحِ وعجزا عن دَفْعِه، فإن كانا مالكَيْنِ أو متبرِّعين ففي الإهدار قولان، وهذا أولى بالإهدارِ من غلبةِ الدابَّةِ في الاصطدام؛ لغلبة الرياح في البحار، فإن قلنا: لا يُهْدَرُ، فهو خطأٌ محضٌ، هذا إذا غلبت الريحُ والقلوعُ مشرعة في المرسى، فأمَّا إذا أجريا السفينتين فغلبتْهما الريحُ، ففيه القولان على الأصحِّ، وأَبعَد مَن قَطَعَ بإيجاب الضمان.
وقال الإمام: إنْ تَجَارَيَا بحيث يُفرض وقوعُ التصادُمِ عند اغتلامِ البحرِ وهَيْجِ الريح وجب الضمانُ، وإنْ تقارَبَا قُربًا يَغْلِبُ من مثله العجزُ عن دفع الاصطدام فلا يَجوزُ أن يُختلف في الضمان، فإنَّ إفراط القُرب سببٌ في الاصطدام.
وإن كانا أجيرينِ مشترِكينِ فإنْ ضَمَّنَّا المالكين وجب الضمانُ على الأجيرين، وإن لم نُضمِّنِ المالكين، فلا ضمانَ على الأجيرين إنْ جعلناهما أمينين، وإنْ جعلناهما ضامنينِ فلا ضمانَ في النفوس، ويضمنان المتاعَ، إلا أن يكون أربابُه من جُملة الركبان فلا يلزمُهما الضمانُ، وكذلك يضمنان الرقيقَ إن لم تَستحفِظْهم السادةُ في المتاع، وإن استَحْفَظوهم فيه، فلا ضمانَ [فيهم](١) ولا في المتاع؛ لأنَّ أيديَهُم أيدي السادةِ، ومَن كانت يدُه على شيءٍ لم يكن في يدِ غيره.
[٣٢٩٩ - فرع]
إذا قلنا بالإهدار، فاختلف الركبانُ والملَّاح في غَلَبةِ الرياح، فالقولُ