العلماء في الفتوى، وعليه العولُ في نقل كثير من نصوص المتقدّمين ولا سيَّما أصحاب الوجوه من الخراسانيين فيما أُرجح، لسعة اطِّلاع إمام الحرمين، فضلًا عن قوة العارضة لديه في الصياغة والتأليف، وحُسن التبويب والتفريع.
ولن تُغني هذه العُجالة عن الرجوع إلى الأصل، فهو في غاية النفاسة، ولا أحسب أن كتابًا ألف في مذهب من المذاهب مثله؛ في استدلاله بعقله، لقوة استنباط إمام الحرمين، وفهمه، وإدراكه، وإحاطته بعلم المنطق؛ فضلًا عن علوِّ كعبه في الفقه، ورسوخ قدمه في الأدب وصناعة الكتابة؛ وقد تمثَّل فيه قول ابن السُّبكيّ في إمام الحرمين:"كان رجلًا محقِّقًا مدققًا، يغلبُ بعقله على نقله (١) ". وقد استوفى محقِّقه الدكتور عبد العظيم الديب الكلام عليه في مقدِّمته للكتاب، فلا حاجة للتوسُّع بذلك.
* * *
* مختصرات "نهاية المطلب في دراية المذهب" لإمام الحرمين الجوينيّ:
اختصر "نهاية المطلب" ثلاثة من كبار فقهاء عصرهم في المذهب؛ هم:
١ - إمام الحرمين: مؤلّف الكتاب الأصل "نهاية المطلب"، قال ابن السُّبكي في اختصاره لها: "وله مختصر النهاية اختصرها بنفسه وهو عزيز الوقوع، من محاسن كتبه، قال هو نفسه فيه: إنه يقع في الحجم من النهاية أقل
(١) "طبقات الشافعية الكبرى" ابن السُّبكيّ (٥/ ١١٠)، في ترجمة الإمام عبد الرحمن بن محمد الفوراني.