يَحْرمُ وطءُ المستبرأة، وجميعُ ضروب الاستمتاع، ويحرمُ جماعُ المَسْبِيَّة، وفي ضروب الاستمتاع وجهان، فإن قلنا: لا يَحْرمُ، انقدح أنْ يُلْحَقَ بالحائض فيما بين السرَّة والركبة، فعلى هذا لا يزيدُ حكم الاستبراء على حكم الحيض إلا أن تُستبرأ بالحمل، أو بالطهر على قولٍ، وإذا حرَّمنا الاستمتاع، فطهرت، ارتفع تحريمُ الاستمتاع، وبقي تحريمُ الحيض حتى تغتسل، وأبعدَ مَن قال: يستمرُّ تحريم الاستمتاع إلى الغسل.
[٣٠١٥ - فرع]
تباعدُ حيض المستبرأة كتباعُدِ حيض المعتدَّة، فإن قالت: حِضتُ، فله تصديقها، ولا يمينَ عليها؛ لأنَّ الأيمان إنَّما تتعلَّق بالخصومات، ولو نكلت لم يُفِدْ نكولُها، وإن قالت: لم أحِضْ، فقال: بل حِضْتِ، فالقولُ قولها، وليس له تحليفُها عند الإمام، فإنَّه لا يُعلَمُ ذلك إلا من جهتها.
[٣٠١٦ - فرع]
إذا ورث جاريةَ ابنه، أو جارية أبيه، فزعمت أنَّ المورِّث وطئها، لم يَلْزمْه تصديقُها، والورعُ أن يجتنبها؛ فإنَّ مراتب الورع كمراتب الظنون (١)،
(١) انظر في ذلك "شجرة المعارف والأحوال" للعز بن عبد السلام، بتحقيقنا (ص: ٤٦١)، الباب التاسع عشر في حُسْنِ العمل بالظنون الشرعيَّة، و (ص: ٤٥٧) الباب العشرين في الورع، وفيهما أنَّ معظم الأحكام مبنيَّةٌ على الظنُّون، ويُعرِّف الورع: "بأنَّه حزم واحتياط لفعل ما يُتَوَهَّمُ من المصالح، وترك ما يُتَوهَّمُ من المفاسد وأن يُجعل موهومتها كمعلومتها عند الإمكان".