والثالثة: طرد القولين في الصورتين، فإن أجزناه، فلا بدَّ من رضا الخصمين، وأن يكون المحكَّم ذكرًا حرًّا مقبولَ الفتوى بحيث يجوزُ للإمام نصبُه، فإن تعلَّق حكمُه بثالث، لم ينفذ عليه، فإن كانت الدعوى بقتل خطأ؛ فإن أقرَّ به الخصمُ، لم تجب الدِّية على العاقلة إلَّا أن يصدِّقه، وإن قامت به بينة، لم تجب عليهم على أقيس الوجهين إلَّا أن يصدِّقوه، ولو رضيا بحكمه، ثمَّ رجع أحدُهما قبل الحكم، لم ينفذ حكمُه عليه اتِّفاقًا، وأبعد مَنْ قال: إذا خاض في الحكم، لم ينفذ الرجوعُ، وإذا رضيا قبل الحكم، فإن جدَّدا الرضا بعد الحكم، نفذ، وإن لم يجدِّداه، فوجهان.
ولا يتَّخذ حبسًا على المذهب، وفيه وجه، ولا يتولَّى العقوبات عند أبي محمَّد، والإمام، بل يقتصر على إثباتها، والحكم بها.
* * *
[٣٩١٩ - فصل في الاستخلاف]
شرط الحاكم أن يكون ذكرًا حرًّا، مقبولَ الفتوى؛ فإنَّ الفاسقَ المجتهدَ يعمل باجتهاده، ولا تُقبل فتواه، وزاد الإمامُ الكفايةَ اللائقة بالقضاء، وهي التشميرُ والاستقلال بالأمر مع مواتاة النفس على الجدِّ فيه، وذلك مُشْبِهٌ للنجدة في الإمام، وفي معرفة الخطِّ وجهان.
والأولى بالإمام أن يأذنَ له في الاستخلاف؛ لما يطرأ عليه من الأغراض، فإن نهاه عن الاستخلاف، لم يستخلف، وإن أطلق توليتَه، فهل له الاستخلاف؟ فيه أوجه، ثالثُها: إن استقلَّ بما فوَّضه إليه، لم يستخلف، وإن اتَّسع محلُّ