بمثابة الأقوال، فمن تواضَعَ للصنم تواضعَ العبادةِ، كفر، والحق الأصوليُّون بذلك ما يتضَمَّن استهانةً عظيمةً؛ كطرح المصحف في الأماكن القَذِرة، وغلط مَنْ قال: لا يكفر بمجرَّد الأفعال.
* * *
٣٤٣٥ - فصل في توبة المرتدِّ
تصحُّ التوبة من كلِّ كفر (١)، وتصحُّ التوبةُ وإن تكرَّرت الردَّة مرارًا كثيرة، وغلط أبو إسحاق فقال: لا تصحُّ إلَّا في الكَرَّة الأولى.
وتصحُّ توبة الزنديق البائح بمذهب الباطنية، وبوجوب التقيَّة وإن حُمل عليها بالسيف، كما يصحُّ إسلامُ الحربيِّ والمرتدِّ تحت السيف مع غلبة الظنِّ بأنَّ إسلامَهُما للتقيَّة.
وقال أبو إسحاق: إن حُمل عليها، لم تصحَّ، وإن وُجد في الخلوة متندِّمًا معظِّمًا للإسلام، وظهر بالقرائن أنَّ غرضَه الرجوعُ إلى الحقِّ، صحَّت توبتُه.
وينبغي أن تُعرضَ التوبةُ على المرتدِّ، وفي إمهاله ثلاثةَ أيَّام قولان؛ فإن قلنا: يُمهل، لم يُمنع الطعامَ والشراب، وقال الإمامُ: القولان في وجوب الاستتابة، فإن قلنا: لا يجبُ، فالإمهال حرامٌ أو مستحبٌّ؟ فيه وجهان، وإن قلنا: لا يُمهل، ففي وجوب الاستتابة تردُّد للإمام، وعلى كلِّ مذهبٍ: لو قُتل عَقيب الردَّة، أو في مدَّة الإمهال، فهو هدر، ويُعزَّر القاتل؛ لافتئاتِه على الإمام، ومتى وجب قتلهُ، فطلب المناظرة؛ لإزالة ما عَرَض له من الشبهة،