والبريَّة، ومنها ما هو خفيٌّ كقوله: اعتدِّي، و: استبرئي رحمك، و: الحقي بأهلك، و: حَبْلُكِ على غارِبِكِ، و: لا أَنْدَهُ سِرْبَكِ (١)، و: اغربي، و: اذهبي، و: تجرَّدي، و: تجرَّعي، و: ذوقي، و: تزوَّدي، وأشباه ذلك ممَّا يُستعمل على تقديرٍ، أو استعارةٍ.
فلو نوى الطلاقَ مع لفظٍ لا يُشْعِرُ بمعناه لم يقع، فإنَّ الطلاق لا يقع بمجرَّد النيَّة وإن كانت جازمةً، وذلك كقوله: بارك الله فيكِ، أو: أطعميني، أو: اسقيني، أو: زوِّديني، أو: اقعدي، أو: كلي، أو: تنعَّمي، وكذ لك: اشربي، على الظاهر، وأَبعدَ مَن أَلحق قولَه: كلي، بقوله: اشربي.
وفي قوله: أغناكِ الله، وجهان، ولا يجوزُ أن يُحمل عليه قولُه: بارك الله فيك، إذا قصد به: أغناك الله؛ لِمَا فيه من التعقيد والإلغاز.
وإن قال: ليست لي زوجةٌ فهو إقرارٌ بنفي النكاح، وهو كنايةٌ على ظاهر المذهب، وأَبعدَ مَن أخرجه من الكنايات.
[٢٦١٧ - فرع]
إذا اقترن بالكناية قرائنُ تدلُّ على إرادة الطلاق، لم يقع إلا بالنيَّة؛ كما لو سألته الطلاق، فقال: أنتِ بائنٌ، وظهر منه قصدُ إجابتها، أو قال ذلك في حال الغضب والتبرُّمِ منها، وظهورِ قَصْدِ الفراق.
(١) أي: لا أردَّ إبلك، بل أتركها ترعى حيث شاءت، وكانت هذه اللفظة طلاقًا في الجاهلية. والنده: النداء، والسرب: المال الراعي. انظر: "مجمع الأمثال" للميداني (١/ ٢٧٧)، و"المصباح المنير" للفيومي (مادة: سرب).