الثاني: أن يقع الغلط لجهل الطبيب بقوَّة المريض الحاملة لذلك المرض، فيحصل الموت بذلك المرض؛ لضعف القوّة عن حمله من غير تجدُّد سبب آخر.
وإذا ترتَّب الموت على مرضٍ غير مخوفٍ؛ فإن قطع أهل البصر بتجدُّدِ مرضٍ في باطن الأعضاء الرئيسة كان تبرُّع المرض السابق من رأس المال، وإن قالوا: يمكن أن يتجدَّد مرضٌ آخر، وأن يموت بالمرض الأوّل؛ لضعف قواه عن حمله، وعسُر عليهم تمييز ذلك، فالظاهر: أنَّه مخوفٌ.
ويُحتمل أن يقال: الأصل الصحَّةُ إلى أن يظهر خلافها، وقد يقع مثل ذلك في سراية الجُرح إلى النفس لإيجاب القصاص وإسقاطه.
ومتى ترتَّب مرضٌ مخوفٌ على مرضٍ غير مخوف فإنَّا نراجع أهل البصر؛ فإن قالوا: يندر إفضاء الأوّل إلى الثاني، فليس الأوّل بمخوف، وإن قالوا: إنَّه يفضي إليه إفضاءً مظنونًا مخوفًا، فكلا المرضين مخوفٌ.
وإذا وقع المرض، ولم يظهر الخوف في أوَّله، فتزايد حتى قتل بالتزايد، ولم يحدث سببٌ آخر، فقد تبيَّن أنَّ أوّل المرض مخوفٌ، وذلك كالحمَّى؛ فإنَّها تنقسم إلى مخوفةٍ وغير مخوفةٍ، فإذا تبرَّع في ابتدائها قبل أن يعرف الطبيب أنَّها مخوفة، ثمّ تبيَّن أنَّها مخوفة، حُسب تبرُّعه من الثلث.
[٢١٣٨ - فرع]
إذا ثبت أنَّ المرض مخوفٌ أو غيرُ مخوف، أُجري عليه حكمُه اللائقُ به، وإن أَشْكَلَ وتنازعوا، لم يَثبت كونُه مخوفًا إلا بعدلين عارفين مسلمين،