إذا ولَّوا قاضيًا، فحكم بما يوافق الشرعَ، أو استوفوا الحدود، أو خُمُسَ الفيء، والغنائم، والزكاةَ، والجزيةَ، والخراجَ، وأموالَ المصالح، صحَّ جميعُ ذلك، فإن صرفوه في جهاته، صحَّ صرفه، وأربعة أخماس الغنائم تختصُّ بأربابها، لا تعلُّق لها بالولاة، وإن صرفوا أربعةَ أخماس الفيء إلى جند الإمام، صحَّ، وإن صرفوها إلى جندهم، ففيه خلافٌ طرده بعض المحققين فيما ينفقونه على أنفسهم؛ لما في تنفيذه من إعانتهم على بغيهم.
فإن وجدت الشوكةُ دون التأويل، أو التأويلُ دون الشوكة، لم يثبت شيءٌ من هذه الأحكام، فإن حكَّم الخصمان مَنْ يحكم بينهما من البغاة، ففي صحَّة التحكيم خلافٌ مشهور، وقال الإمامُ: إذا وُجدت الشوكة وانتفى التأويل، أو قلنا: لا يُشترط نصبُ إمام يصدر عنه توليةُ الولاة، والحكام، فحكم الرعيَّة في ذلك كحكمهم إذا شغَر الزمان عمَّن يصلح للإمامة.
* * *
[٣٤١٩ - فصل في كيفية قتال البغاة]
يجب رعايةُ التدريج في قتال البغاة، فيبعث إليهم الإمامُ رسولًا عاقلًا فطنًا؛ ليسألَهم ماذا تنقمون، فإن ذكروا شبهةً أزاحها، ولا يألوهم نُصْحًا، ويأمرهم بالعَوْد إلى الطاعة؛ لتتَّحدَ كلمةُ الإسلام، فإن أبوا آذنهم بالحرب،