للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٤٠ - فصل في تفسير العنَت

وهو في اللغة: المشقَّة، وهاهنا: عبارةٌ عن الزنا.

فمَن تعذَّر زناه بجَبٍّ أو فتورِ شهوةٍ مع وازعٍ مِن دينٍ، أو مروءةٍ، أو حياء، لم ينكح الإماء، والمغتلِمُ المتشوِّفُ الشهوة إن رقَّ عصام تقواه نكح الإماء، وإن وثق بالتقوى، وأمن المرض، لم ينكح الإماء، وإن تأذِّى، وتوقَّع الأمراض والأعلال، ففيه تردُّدٌ واحتمال؛ فإنَّ العنت في اللغة هو المشقَّة، وهذه مشقَّة ظاهرة، ولا نعني بأمن العنت يقين العصمة، بل غلبةَ الظنِّ بالتقوى والعفَّة، كما يُوصف الطريق الذي يغلب فيه الأمنُ بأنَّه آمنٌ، ولا يُشرط في خوف الزنا غلبةُ الظنِّ بوقوعه، بل توقُّعُه لا على سبيل الندور، كما لو تعارض في الطريق السلامةُ ووقوعُ المحذور.

ولو وجد حرَّةً طلبت زيادةً على مهر مثلها مع يسارِه وثروته؛ فإن عُدَّت الزيادة في العرف تكرُّمًا وبذلًا في الأغراض الصحيحة، لم ينكح الأمة، وإن عظمت بحيث يُعدُّ بذلُ مثلها سَرَفًا، فالوجه: إجازةُ نكاح الأمة، ولو بِيع المسافرُ الماءَ بغبنٍ يسيرٍ لم يَلْزمه شراؤه، والفرقُ: أنَّ الغرض من النكاح المتعةُ والتواصلُ، فلا يُعدُّ ببذل الزيادة مغبونًا.

ولو زوَّج الرجل ابنته بدون مهر المثل، أو ابنه بأكثرَ من مهر المثل، وجب إكمالُ مهر المثل عند الأصحاب، ويُحتمل ألا يُنظر إلى الزيادة اليسيرة والنقص اليسير؛ لِمَا في النكاح من الأغراض الجابرة.

وأمَّا المشقةُ في السفر لتزوُّج الحرَّة، فينبغي أن تُعتبر بما ذكرناه في زيادة المهر، فإن خشي الزنا في المدَّة التي تُقطع فيها تلك المسافة نكح

<<  <  ج: ص:  >  >>