وإذا جعلنا الجرحَ النافذَ إلى الفم جائفةً ففيه القصاصُ؛ لأنه منضبطٌ، وشبَّب بعض الأصحاب بخلافٍ.
ولا يتصور إجراءُ القصاص في المتلاحمة إلا بأن يكونَ على رأس الجاني والمجنيِّ عليه مُوْضِحتان طريتان، ليُتعرف بهما سُمْكُ اللحم، فيقع القصاصُ فيها باعتبارِ النسبة دون عمق الجرح، فإذا كان لحمُ رأس الجاني سُمْكَ شعيرةٍ ولحمُ المجنيِّ عليه سمكَ شعيرتين، وعمقُ الجناية قَدْرَ شعيرةٍ، اقتُصَّ بنصف شعيرةٍ، فإن جهلنا النسبةَ اقْتُصَّ من المستيقَنِ وتُوقِّفَ في محلِّ الشك.
* * *
[٣١٩٦ - فصل في كيفية قصاص الموضحة]
إذا وصلت الجراحةُ إلى العظم وجبَ القصاصُ الكاملُ، سواءٌ إن كانت صغيرةً كمغرز الإبرة، أو مستوعِبةً للرأس، بشرطِ أن لا نَزيد على مساحة الجناية ولا نتعدَّى محلَّها من الوجه أو الرأس.
ولا يُشْترطُ أن يظهر العظم للأبصار، ولا يبالَى بتفاوُتِ سمك اللَّحمين اتِّفاقًا، كما لا يُبالى بتفاوت الأعضاء في الصغير والكبير، وغَلِطَ مَن شرط تساويَ السُّمْكِ، فإنْ ضاق المحلُّ عن قَدْرِ الجناية لم يكمَّل إيضاحُ الرأس بالوجه، ولا إيضاحُ الوجه بالرأس، ويكمَّل إيضاحُ الناصية ببقية أجزاء الرأس.
فإن استوعبت الجنايةُ رأس المجنيِّ عليه، فإن كان رأسُ الجاني أصغرَ لم يكمَّل بالوجه اتِّفاقًا، بل يَرْجِعُ بجزءٍ من الأرش، وإن كان رأسُه أكبر اقْتَصَّ منه بقَدْرِ جنايته، وهل يبتدئ بالقصاص من حيث بدأ أو يتخيَّر