الجماعة سنَّة مؤكَّدة أو فرضُ كفاية؟ فيه وجهان؛ فإِذا قام بها قومٌ سقط فرضُها عن الباقين، وقيل: ينبغي أن تُقامَ في كلّ مَحَلَّة.
قال الإِمام: الغرضُ ظهورُ الشِّعار، فإِذا أُقيمت في البلد الكبير في مواضعَ يظهر بمثلها الشعارُ، فقد حصل الغرضُ، وقيل: لا يظهر إلا بإِقامتها في كلِّ محَلَّة، ولو حضر في كلِّ مسجد اثنان أو ثلاثة لا يظهرون للمارَّة، اتَّجه أن لا يكفيَ في الإِظهار، وقد نكتفي في القرية الصغيرة بجماعة واحدة، ومهما ظهر الشعارُ في الأمصار، فلا يمتنعُ سقوطُه فيما قاربها من القرى الصِّغار.
ولا يتعرَّض لهذا الفرض مسافرٌ، ولا مَنْ قلَّ عددهم من سكَان الأمصار، وإِن كثر أهلُ البوادي، ففيهم نَظَر.
الصلاةُ في الجمع الكثير أولى، فإِن كان بقربه مسجدٌ تُقام فيه الجماعةُ إِن حضر، وتتعطَّل إِن غاب، فحضورُه أَولى من قَصد الجمع الكثير، وإِن لم تتعطَّل فالمذهبُ أنَّ الجمعَ الكثيرَ أَولى، وقيل: رعايةُ حقِّ الجِوار أَوْلى.