آثار الجنون، وإذا جُعل الجنونُ كالغشي، فطال بحيث يُخشى بوادرُه في أيَّام الإفاقة، بعُد إلحاقُه بالغشي، وإِن خلت أيَّام الإفاقة من بوادره، فلا ينبغي أن يُجعلَ كالجنون إلَّا أن يشابهَ اغتلام الرجل الصفراوي في هيج النفس، وثوران الغضب؛ فإنَّه إن لم يكن كذلك، كان جنونًا محقَّقًا، وأقصَدُ الوجوه: القولُ بالتلفيق، أو اعتبار آخر الحول.
وأمَّا غير الجزية من الأحكام: فلا يجري فيها التلفيق، ولا اعتبار آخر الحول، بل يجري في ذلك إمَّا تغليبُ الجنون، أو تغليبُ الإفاقة، أو إفراد كلِّ واحد منهما بحكمه.
فإن أسرنا من يُجنَّ ويفيق؛ فإن غلَّبنا الجنونَ، رَقَّ، وإِن غلَّبنا الإفاقة، لم يرقَّ، ويتَّجه أن يُعتبرَ بيوم السبي؛ فإن رأى الإمامُ قتلَه؛ فإن غلَّبنا الجنون، لم يجز، وإِن غلَّبنا الإفاقةَ، فالظاهر: أنَّه لا يجوز، ويُحتمل أن يُنظرَ إلى يوم السَّبْي.
* * *
٣٦٤٦ - فصل في موت الذمِّيِّ بعد الحَوْل وفي أثنائه
إذا وجبت الجزية، فهي دَين مقدَّم على الوصايا والميراث، ولا يسقط بموت الذمِّيِّ، ولا بإسلامه، ولا تتداخل بتداخل السنين، وهل هي حقٌّ للعباد؟ فيه وجهان:
أحدُهما: أنَّها حقٌّ لهم، فيضارب بها أرباب الديون.
والثاني: أنَّها حقٌّ لله تعالى، فإذا اجتمعت مع ديون العباد، ففي المقدَّم