أَمْكَنه الهربُ فتخاذل، فهو كترك السباحة عند الإمام.
ولو أغرى في الصحراء سَبُعًا غيرَ ضارٍ، فقد قال الإمام: إن كان السبع مطلَقًا فلا قودَ ولا ضمان؛ لأنَّ افتراسه وقع اتِّفاقًا، وإن كان مربوطًا فحلَّه وأغراه؛ فإن نظرنا إلى عدم الضراوة فالوجهُ نفيُ الضمان، وإن نظرنا إلى إمكان الهرب فهو كترك السباحة.
وإنْ جَمَعَه مع سَبُعٍ، أو حيَّاتٍ في بيتٍ، فافترسه السَّبُعُ، أو نهشته الحيّاتُ، وجب القودُ بالافتراس دون النهش؛ لأنَّ الحية تنفر بطبعها، والأسد يَثِبُ في المَضِيق بطبعه، وذكر صاحب "التقريب" قولًا في الافتراس، وهذا لا يصحُّ؛ فإنَّ الأحكام تتبع الصور، فإن كان من الحيات ما يَقْصِدُ، ومن السباع ما يَنْفِرُ، فالأحكامُ مبنيَّةٌ على ذلك، فإنْ تحقَّقت العَمْديَّةُ وجبَ القودُ، وإنْ شَكَكْنا فيها لم يجب.
* * *
٣١٣٥ - فصل في اجتماع الجارح والمذَفِّف
إذا قطع حلقومَه ومَريئَه، أو أخرج حشوته، فجرحَه آخَرُ، أو قطع يده وهو يتحرَّكُ، قُتل الأوّل، وعُزِّر الثاني، ولا ضمانَ عليه؛ لأنَّه جنى على ميتٍ.
ولو جرحه جرحًا يُهْلِكه لا محالة، ولكنْ بقيت فيه حياةٌ مستقرَّةٌ، فذفَّفَه آخَرُ، وجب على الأول ما يجبُ على الجارح، وعلى الثاني ما يجب على القاتل.
مثاله: أنْ يَقطع أحدُهما معاه، فيذبحُه الآخَرُ، أو يُخْرِجُ حشوته، أو يقدُّه بنصفين مع بقاء الحياة المستقرَّة، ولو قطع مريئه فالحياةُ مستقرَّةٌ ما لم