وإن صاح بمستقِرٍّ على الأرض، فزال عقلُه أو مات، فإن كان كبيرًا متثبِّتًا لم يَضْمَنْ، وإن كان صغيرًا، فقد ألحقه بعضُهم بالسقوط من الجدار، وهذا لا يصحُّ؛ إذ يَبْعُدُ حصولُ الموت وزوالُ العقل بالصِّياح.
* * *
٣٢٨٢ - فصل فيمن طلب إنسانًا فهرب منه فهلك
إذا طلب إنسانًا بسيفٍ، فألقى نفسَه من شاهقٍ، أو في بئرٍ أو ماءٍ أو نارٍ، فهَلَكَ لم يضْمَنْه؛ كما لو أكرهه على قتلِ نفسِهِ.
وإنْ طلبه في الصحراء، فافترسه أسدٌ في هروبه، لم يضمنه.
وإن هرب على سطحٍ فسقط، فإن كان أعمى أو في ظلمةٍ وجب الضمانُ، وإن كان بصيرًا والطلبُ نهارًا لم يضمن.
وإن سقط في بئرٍ، فإن كانت مغطاةً أو في ظلمةٍ ضَمِنَ، وإن كانت مكشوفةً ولا ظلامَ لم يَضْمَنْ عند الأصحاب، وقال الإمام: إنْ منعتهُ شدَّةُ الهرب من تأمُّل البئر وَجَبَ الضمانُ.
ولو انْخَسَفَ به السطحُ لم يضمن عند الأصحاب، بخلافِ البئر المغطَّاةِ، فإنها ليست محلًّا للإقامة والتردُّد، وقال الإمام: هذا مُشْكِل، فإن الانخسافَ لا يحصلُ إلا بضعفِ السقف، فإنْ كنَّا نفرِّق في البئر بين أن يَعْلَمَ بها الطالبُ وبين أن لا يعلمَ، صحَّ مثلُه في السقف، وإن لم نفرِّق نُظِرَ إلى تعدِّي الطالب، فينبغي أن يَضْمَنَ إذا جَهِلَ ضعفَ المنخسِفِ.