فيه كالشعر ففيه الخلافُ، فإن قلنا: لا يحصل القصاصُ إذا تآكلت اليد بقطع الأصبع، كان التآكُلُ هدرًا والجاني في عهدةِ جنايته إلا قَدْرَ الأصبع، وإهدارُ يده مع التعدِّي بقطع أصبعه مُشْكِلٌ.
ويمكن أن يقال: لا أثر للتعدِّي بقطع الأصبع، فإن اليد مستحَقَّةٌ للمجنيِّ عليه، فأَشْبهَ مَن استحَقَّ النفسَ فتعدَّى بقطع الأطراف.
ولو قتل إنسانًا، فضربه الوليُّ بسوطٍ خفيفٍ، فمات، حصل القصاصُ عند الإمام؛ إذ لا يتَّجهُ ضمانُ نفس الجاني مع أنها مستحَقةٌ للوليِّ، وَيعْسُر إهدارُ دمه مع بقاء الضمان عليه، ويجب تخريجُه على مقتضَى ما ذكره الأصحابُ على القولين، فإنَّ ضرب السوط لا يُقصد به القتلُ ولا يجبُ به القصاص، كما لا يقصدُ الطرفُ بالسراية، ولو رمى الوليُّ الجاني مخطئًا حصل القصاصُ من غير محلِّ خلافٍ.
* * *
[٣٢٠٧ - فصل في شلل الأعضاء]
يُشترط في قصاص الأعضاء أن يكون الجاني ممَّن يُقتل بالمجنيِّ عليه، وأن يستوي العضوان في الخِلْقة والسلامة، وأن تكون نسبةُ عضوِ كلِّ واحدٍ منهما كنسبة عضوِ الآخر إلى نفسه، ولا نظر إلى تفاوت البدل، فتُقْطَعُ يدُ الرجل بيد المرأة؛ لأن نسبة كلِّ واحدٍ منهما إلى النفس بالنصف.
وإن اختلفت النسبتان امتنع القصاص، فلا تؤخذ كاملةٌ بناقصةٍ ولا صحيحةٌ بشلَّاء وإن رضي الجاني بذلك؛ لحقِّ الله في الدنيا.