والأظهر أنَّه يقعدُ ليسجد عن القعود؛ فإِن الشرعَ قد اكتفى بالقعود فَصْلًا بين السجدتين، فعلى هذا: لو قام ليسجدَ بطلت صلاتُه، وفي هذه المسألة إِشكال من جهة أنَّه إذا سقط على وجهه على هيئة السجود، فقد وقع سجودُه وهُوِيُّه إِليه ضرويًّا، ومن شرط الفعل المأمور به أن يكون فعلًا للمكلَّف داخلًا تحت اختياره، وقد تقدَّم أنَّ استدامةَ السجود لا تكفي؛ فلهذا الإِشكال ذهب الإِمامُ إِلى أنَّه لا يُعتدُّ بسجوده إِلا أن يعتدلَ ثم يسجد، وتأوَّل النصَّ بما لو سقط على جنب، ثمَّ استدَّ واستقام، ولا يصح تأويلُه؛ لما فيه من إِبطال أحد الأقسام التي ذكرها الشافعيُّ.
ويمكن تعليلُ ذلك بأنَ السقوطَ لما كان مسبَّبًا عن ابتداء الهُوِيِّ، صحَّ التكليفُ به؛ لأنَّ ما كان سببه داخلًا تحت الاختيار، صحَّ التكليفُ به وإِن كان ضروريًّا في نفسه؛ كما في التكليف بمعرفة الله، وكما في إِثمه بسراية الجرح إِلى النفس وإن كانت السرايةُ ضرورية لمَّا كان سببها داخلًا تحت الاختيار.
* * *
٣٣٢ - فصل في التشهد الأوَّل والأخير
الافتراشُ سنَّة في التشهد الأول، وفي القَعدة بين السجدتين.
وصفته: أن يفرش رِجلَه اليُسرى، ويجلسَ عليها، وظهرُ قدمها إِلى القبلة، وينصِبَ اليمنى مع نصب أطراف أصابعها على الأرض.
والتورك سنَّة في التشهُّد الأخير.
وصفته: أن يضعَ رجليه على هذه الهيئة، ثم يخرجَهما من جهة يمينه،