وإِن مضت مدَّة الإِجارة، أو مضى منها ما يقابَل بأجرة، فقد نصَّ الشافعيُّ على أنَّ التنازع إِن كان في دابّة فالقولُ قول القابض، وإِن كان في أرض فالقول قول المالك، ففرَّق بعضهم بندور العارية في الأراضي، وغلَبَتها في الدوابّ.
والأصحُّ تخريج المسألتين على قولين؛ فإِن جعلنا القول قول المالك، تعرَّضَ في يمينه لنفي الإِعارة، وهل يَضمُّ إِلى ذلك إِثبات الإِجارة؟ فيه مذهبان؛ فإِن قلنا: لا يضمُّ، فحلف، استحقَّ الأقلَّ من المسمَّى أو أجرة المثل، وإِن قلنا: يضمُّ، فهل يستحقُّ المسمَّى أو الأقلَّ؟ فيه قولان منصوصان، فإِن أوجبنا المسمى لزم ذكره في الدعوى، وإِن لم نوجبه كفاه ذكر الإِجارة على الظاهر عند الإِمام، فإِن نكل المالك لم تُردَّ اليمين على القابض؛ لأنَّ اليمين لا تردُّ إِلَّا أن يثبت حقًّا للحالف، ورمز القاضي إِلى أنَّها تُردُّ؛ لنتخلَّص بها من الغرم، وإن جعلنا القول قول القابض حلف على نفي الإِجارة، وبرئ من الغرم، فإِن نكل حلف المالك على الإِجارة بالأجرة المسمَّاة، واستحقَّها، وغلط من قال: لا يستحقُّ الزائدة على أجرة المثل، ولو قال: يستحقُّ الأقلَّ من المسمَّى أو أجرة المثل، لكان أقربَ، وهذا لا يُعدُّ من المذهب.
[١٩٠٠ - فرع]
لو وقع هذا النزاع بعد هلاك العين؛ فإِن لم يمض من المدَّة شيء، فالقابض مقِرٌّ بالقيمة، والمالك ينكرها، فلا يستحقُّها إِلا أن يصدق