وقد يُتصوَّرُ هذا من الصبيِّ والمجنون، فإن لم يكونا كذلك كان فعلُهما خطأً مَحْضًا؛ إذ لا يُتصوَّرُ شِبْهُ العمد إلا ممَّن يتصوَّرُ منه العمدُ، وإن كانا مميِّزين تعمَّدا، فقولان:
أحدهما: يثبتُ حُكْمُ العمد في وجوب القصاص على شريكهما وتغليظِ الدِّية في مالهما.
والثاني: أنه خطأٌ محضٌ، فتخفَّفُ الديةُ على عاقلتيهما.
* * *
[٣٢٨١ - فصل فيمن صاح بإنسان فزال عقله أو مات]
إذا كان البالغُ أو المراهِقُ مستقرًّا على جدارٍ، فصاح بهما صائح، فسقطا وماتا، فإن تغفَّلَهما بالصِّياح من ورائهما، فلا قَوَدَ اتِّفَاقًا، ولا ديةَ على أظهر القولين، وإن واجههما بالصِّياح فلا قودَ ولا ديةَ، وأَبعدَ مَن طرد القولين في الدية.
وإن صاح بصبيٍّ ضعيفِ البِنْيةِ بَعيدِ التماسُكِ وجبت الديةُ، وفي القود وجهان.
وتختلفُ هذه الصورُ باختلاف الأشخاص في القوة والضَّعف، فقد يُجْعَلُ مَن تعتريه الوساوسُ ويردَعُهُ أدنى شيءٍ بمثابةِ الصغيرِ، ويُجعلُ الصياح كالضَّرب، فإنَّ كلَّ ما يُقصَدُ بمثله الهلاكُ غالبًا وَجَبَ القودُ، وإنْ لم يَغْلِبِ الهلاكُ منه وأَمْكَنَ أن يضافَ إليه، فهو شِبْهُ عمدٍ، فمتى عُلِمَ أنَّ السبب مهلكٌ، وغَلَبَ على الظنِّ حصولُ الهلاك به، وجب الضمانُ اتِّفَاقًا، وإن وقع