٣١٣٠ - فصل فيمن ألقى إنسانًا في مهلكة فهلك بسببٍ آخَرَ
إذا ألقاه على سببٍ مُهْلكٍ، فهلك بسببٍ ثانٍ، فللسَّبب الثاني أحوالٌ:
أحدها: ألا يكون له فعلٌ ولا اختيارٌ، كما لو ألقاه من شاهقٍ مُهْلكٍ، أو في بئرٍ مُهْلكةٍ، فصادف سكاكينَ منصوبةً، ورماحًا مُشْرَعةً، أو جَرَحَه بسكِّين، ثم ظهر أنَّه مات بسمٍّ فيها يجهلُه الجارِحُ، فيجبُ القودُ.
الثاني: أن يكون فعلَ إنسانٍ مختارٍ، مثل أن يلقيَه من شاهقٍ، فيقتله إنسانٌ قبل الوصول إلى الأرض، فلا قود على المُلْقي ولا ضمانَ وإنْ لم يكن القاتلُ ضامنًا كالحربي.
الثالث: أن يكون فِعْلَ حيوانٍ يفعلُ بطبعه، كما لو ألقاه في لُجَّةٍ فالتقمه حوتٌ عند الوصول إلى الماء، أو ألقاه من شاهقٍ، فقتلته حيَّةٌ عادِيَة أو سَبْعٌ ضارٍ قبل الوصول إلى الأرض، فيجبُ القود، خلافًا للربيع، فإنَّه أسقط القود، وأوجب الضمان، وهذا لا يصحُّ؛ فإنَّ الحيوان الضاريَ بطبعه كالسيف المصادِف لمضربه، بخلافِ فعلِ المختار، ولذلك قال الشافعيّ: لو أدخله بيتًا فيه سباعٌ ضاريةٌ، أو هَدَّفه لوثبةِ أسدٍ ضارٍ، وجب القودُ، ولو أمسكه ليقتلَه إنسانٌ مختارٌ، لم يجب القودُ بالإمساك، وإن كان القاتلُ غيرَ ضامنٍ كالحربيِّ.
[٣١٣١ - فرع]
إذا ألقاه من شاهقٍ، فقتله مجنونٌ؛ فإن كان ضاريًا بالطبع فهو كالسَّبُعِ، وإن لم يكن كذلك فهو كالعاقل.
ولو التقمه الحوتُ قبل الوصول إلى اللجَّة، فقد نقل القاضي عن الأصحاب وجوبَ الضمان، ونقل عنهم نفيَه، واختار الوجوبَ، والوجهُ: