إذا قالت الحرَّة الرشيدة لوليِّها: زوِّجني بلا مهرٍ، فزوَّجَها، ونَفَى المهرَ، أو زوَّج الرجلُ أمتَه، ولم يتعرَّض للمهر، صحَّ النكاح، وكان تفويضًا.
والتفويض في اللغة: تخيير الغير، والإحالةُ على رأيه، فالذي يطابقُ اللغة أن تقول: زوِّجني إن شئت بمهرٍ، وإن شئتَ بلا مهرٍ.
وإنْ أذنت في النكاح، ولم تتعرَّض للمهر، حُمل على طلب المهر اتِّفاقًا، والوكيلُ في التزويج إن سُمِّي له شيء فنقص منه بطل النكاح، وإن زاد صحَّت الزيادة والنكاح، وإن لم يُسمَّ له شيءٌ، ففوَّض، أو نقصَ عن مهر المثل، بطل النكاح على أصحِّ القولين، وبه قطع الإمام؛ فإن مخالفة العُرْفِ كمخالفة اللفظ؛ بدليل بطلان بيع الوكيل بالغبن.
فإن قلنا: يبطل، فزوَّج مطلقًا، فالظاهرُ انعقاده بمهر المثل، وفيه احتمالٌ، وإن زوَّج بخمرٍ فالظاهرُ البطلان؛ لظهور المخالفة.
ولو فوَّض المجبِر بُضْعَ الصغيرة، أو البالغة، أو نَقَصَهما عن مهرِ المثل، ففي صحَّة النكاح قولان، فإن قلنا: يصحُّ، وجب مهرُ المثل اتِّفاقًا، وغيرُ المجبِر إن نقص عن المسمَّى فهو كالوكيل، وإن لم يسمِّ له شيئًا ففوَّض، أو نقص عن مهر المثل، فطريقان أقيسهما: أنه كالوكيل، والثانية